الموازنة بينه وبين الغزالي
ولا يمكن أن تكون تلك العلاقة أول وآخر ما عرف من العلاقات، فنشأته الأولى في المغرب يوم كان متصلا بأحد الملوك لها دخل في رياضته على دنيا الحسن.
2
والتنقل من أرض إلى أرض يمنح العيون فرصة التنقل من فتنة إلى فتنة، وهوى الرجل المحترس المتحفظ هو من أخطر الأهواء، وكان ابن عربي بطبيعة ما ترامت إليه همته في الفقه والتصوف رجلا يحب أن يتوقر ويتزمت، ويلقى طلائع الحسن بقلب بليد، ولكن التحرز لم يغن شيئا، فانحلت عزيمته، حين عرف تلك الفتاة التي حكم بأن بيتها من العين السواد، ومن الصدر الفؤاد، واضطر إلى أن يسأل الله العصمة لمن يقرأ قصائد ترجمان الأشواق، العصمة من سبق الخاطر إلى ما لا يليق بالنفوس الأبية، والهمم العلية، المتعلقة بالأمور السماوية.
والتجارب علمتنا أن الأرض ليست بعيدة من السماء كل البعد، فالأرض والسماء في عالم الأخلاق مقتربتان أشد الاقتراب، وقد تكون الظواهر مما يجزم بقوة الصلة الأرضية، على حين تكون البواطن موصولة الأواصر بأقطار السماء.
ما أضيف إلى مؤلفات ابن عربي من الزيادات
ولكن لم نمشي على الشوك ونحن نكتب هذا الكلام؟
لم هذا التهيب؟ نقول بكل صراحة: إن ابن عربي كان رجلا مقهور النزوات والأهواء، كان رجلا محبوسا عن اللذات الحسية فاندفع يطوف حولها في رحاب عقلية، لها رونق ورواء، وآية ذلك أنه أطلق لنفسه العنان في امتلاك ناصية المجد، والمجد له معسول يفوق طعم الشهوات، وهو المفزع لكل نفس طامحة ضاعت حظوظها في ميدان الحواس.
إن ابن عربي في أبحاثه يفترع المعاني افتراع الفحول: فهو يشفي شهوة مقهورة عز عليها أن يتنفس، ويداوي جوى في الصدر عز منه الشفاء.
وأكاد أجزم بأن حاله يشبه حال ساكنات الديارات: فالراهبة الجميلة لا تعرف الدير إلا بعد أن يطول شقاؤها بما تحمل من قلب ظامئ ممنوع من الورود. وهنالك تنتظر الشفاء بما تتلهى به من العظمة الكهنوتية، ومن التطلع إلى النعيم المرموق في عالم السماء.
अज्ञात पृष्ठ