तारीख तर्जमा
تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي
शैलियों
مهدت إذن المدارس الجديدة - وحركة الترجمة بوجه خاص - السبيل «للأفندية» كي يخلفوا «المشايخ» في الزعامة الفكرية في مصر، فماذا فعل «الأفندية» لنشر الثقافة بين الشعب؟
عاشت حركة الترجمة في عصر محمد علي نحو العشرين عاما، كان الجهد في خلالها متجها كله إلى الترجمة فقط، ولم يجد تلاميذ المدارس ومدرسوها، وخريجوها الفراغ الكافي ليستجيبوا للثقافات التي تلقوها، فيؤلفون، كذلك كانت ترجمتهم تصطبغ بالصبغة الرسمية، فهم - إن صح التعبير - كانوا مترجمين محترفين لا هاوين، يترجمون ما يؤمرون بترجمته، لا ما يريدون ترجمته، وما يؤمرون بترجمته كان علما خالصا، لا يستطيع القراء العاديون - على ندرتهم - أن يقرءوه، أو يتذوقوه، وهم إن فكروا في قراءته لا يستطيعون فهمه.
كان الواجب إذن أن يؤلف «الأفندية» للشعب، أو يترجموا له، ولكنهم لم يفعلوا للأسباب السابق ذكرها؛ ولهذا كان تأثير الترجمة - في عصر محمد علي - في المجتمع المصري ضئيلا جدا إن لم يكن منعدما حقيقة لقد خطا محمد علي خطوة واحدة في هذا السبيل عندما أشار بتأليف وترجمة كتابي «كنوز الصحة ويواقيت المنحة» و«الدرر الغوال في معالجة أمراض الأطفال» لتثقيف الشعب ثقافة طبية، وقد رأينا كيف أقبل المصريون على قراءة هذين الكتابين حتى أعيد طبعهما مرات، ولكنه لم يتبع هذه المحاولة بمحاولة أخرى، وعندما أنشئت مدرسة الألسن، كانت كتبها التي ترجمت في العلوم الاجتماعية المختلفة من تاريخ ورحلات، وجغرافيا وأدب أقرب إلى ذهن القارئ العادي وفهمه، وكان من الممكن أن تؤثر هذه المدرسة وخريجوها التأثير الطيب في ثقافة الشعب المصري لو امتد بها العمر، ولكنها ألغيت بعيد موت محمد علي، وتشتت خريجوها موظفين في المصالح والدواوين المختلفة، وكانت نكسة شملت عصري عباس وسعيد، ولكن الأثر الأول للمدرسة لم يخمد، ولم يمت، بل كان مستقرا مستجما في نفوس تلاميذها، فلما استؤنفت النهضة في عهد إسماعيل كان هؤلاء التلاميذ هم عدتها وعمدها، فانطلقوا يترجمون من جديد، بل لقد خطوا الخطوة الثانية الطبيعية، فانطلقوا يؤلفون، وعاد إليهم أستاذهم رفاعة فانضووا تحت لوائه يعمل ويعملون من جديد؛ فترجموا معا «قانون نابليون»، وترجم وألف أبو السعود، وخليفة محمود، وصالح مجدي في التاريخ والجغرافيا، وترجم عثمان جلال في الأدب، وألف قدري باشا كتبه الخالدة في القانون، وأنشأ أبو السعود أول صحيفة مصرية أهلية، وهي «وادي النيل».
وفي عهد إسماعيل أيضا وضع رفاعة كل مؤلفاته؛ «كمناهج الألباب العصرية في مباهج الآداب المصرية»، و«المرشد الأمين في تربية البنات والبنين»، و«أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل»، و«التحفة المكتبة لتقريب اللغة العربية ...» إلخ ... إلخ.
التاريخ، الأدب، القانون، الصحافة، هذه هي الطرق التي يستطيع قادة الفكر دائما أن ينفذوا من خلالها إلى نفوس الشعب وعقوله، فينشرون فيها الثقافة العامة، ويخلقون فيها الروح القوية، وقد قام بهذا الواجب تلاميذ الألسن القدماء ولكن في عصر إسماعيل - لا في عصر محمد علي - فهذا الأثر في الواقع - وإن تأخر به الزمن - هو أثر الترجمة في عصر محمد علي، بل لعله أقوى آثارها.
الملاحق
مقدمة
كان إدخال المطبعة إلى مصر حادثا فذا أثر في تاريخها ونهضتها - منذ بدء القرن التاسع عشر حتى الآن - أثرا واضحا قويا، وقد ظل علماء الغرب المعنيون بالبحث في شئون مصر والشرق يرقبون هذا الأثر ويثبتون نتائجه طول النصف الأول من القرن التاسع عشر، فكانت كلما مرت سنوات على المطبعة بادر واحد منهم بإحصاء المطبوعات التي تم طبعها فيها.
نشرت أول قائمة لهذه الكتب في: «تاريخ الإمبراطورية العثمانية، الجزء السادس عشر» تأليف «هامر
Hammer »
अज्ञात पृष्ठ