तारीख सलातीन बानी उथमान
تاريخ سلاطين بني عثمان
शैलियों
السلطان التاسع والعشرون
السلطان مصطفى الرابع ابن السلطان عبد المجيد خان
ولد عام 1193، وجلس عام 1223، وحال جلوسه وجه عنايته إلى تنظيم الجندية، وتأديب الأليكشارية، وما صفت له الأيام طويلا حتى نشط المفسدون، وألقوا الفتن بين رجال الدولة وكبار المملكة، واجتهد مصطفى باشا البيرقدار، حاكم روستجق، في إقناع بعض الرجال على خلع السلطان مصطفى، وإرجاع السلطان سليم إلى كرسي الخلافة، فجمع عسكرا وجاء به إلى الآستانة، ولما وصل إلى السراي واعتلم السلطان بنواياه أشار بقتل السلطان سليم، فقتل في الحبس شهيدا، وحينئذ هاج القوم في القسطنطينية وتكدروا من موت السلطان سليم، وخلعوا مصطفى، ثم حجروا عليه في الحبس الذي كان فيه أخوه، وبعد حبسه بثلاثة شهور قتل في الحبس شهيدا، ودفن في تربة أخيه السلطان عبد الحميد خان، رحمهما الله رحمة واسعة.
السلطان الثلاثون
السلطان محمود الثاني ابن السلطان عبد الحميد خان
ولد عام 1199ه، وجلس على عرش السلطنة عام 1223ه، فأقام مصطفى باشا البيرقدار وزيرا للصدارة، وسلمه مهام تنظيم الجنود، وأمر بإصلاح المختل، فشمر عن ساعد الجد، وطفق يعلم وجاقات الأليكشارية نظام الجندية الجديد حتى برعوا فيه، ثم التفت إلى ذوي الفتن والشرور، فقطع دابرهم، ومحا أثرهم، وأعدم قاتلي السلطان سليم، غير أن مدة وزارته لم تطل إلا ثلاثة شهور، قام عند انقضائها الأليكشارية وأضرموا النار في سرايته، فأحرقوه مع عائلته بأسرها، وانبروا يفتكون بكل من كان مائلا إلى النظام الجديد. ولما استفحل أمرهم جمع قاضي باشا العساكر الجديدة وهجم بهم على الأليكشارية مطلقا عليهم الرصاص حتى شتت شملهم، وسكن هياجهم.
وحدث بعد ذلك أن وجهت رتبة الصدارة العظمى إلى يوسف ضياء باشا، فقتل السلطان مصطفى خوفا من تجديد الفتن، فتكدر السلطان محمود من قتل أخيه وحزن وتألم. وفي سنة 1225، سطت عساكر الروس على بلاد الدولة، وتقدمت حتى استولت على الأفلاق والبغدان وقلعة إسماعيل وجملة جهات أخرى، وفي عام 1226، عصى سليمان باشا، والي بغداد، وامتنع عن دفع الأموال المرتبة لجانب الخزينة، فأرسل إليه الصدر الأعظم لقمع عصيانه خالد أفندي فقتله، وفي السنة ذاتها تمرد ابن مسعود على الدولة، وأخذ يقلق الحجاج، ويزعج البلاد، ويقطع الطرق، ويسلب المارة، فكلفت الدولة ساكن الجنان محمد علي باشا الكبير، حاكم مصر، بتأديبه، فحاربه، وبعد أن قبض عليه أرسله إلى الآستانة حيث مات قتيلا. وبعد ذلك عزل يوسف باشا من الصدارة، وأقيم مكانه أحمد باشا، فجمع الجنود، وسار بهم إلى روستجق. وفي سنة 1228، توسطت الدولة بعقد الصلح بين الدولة العلية والمسكوب، وتمت معاهدة (بكرش) التي من أحكامها أن تترك الدولة العلية إلى الروس سواحل الطونه ومقاطعة بسرابيا، وفي سنة 1231، اشتبكت الدولة بالقتال مع الأروام، فانتهز الفرس تلك الفرصة وزحفوا إلى بغداد للاستيلاء عليها فلم يفلحوا، وفي عام 1232، تمرد علي باشا، والي يانيه، على الدولة مدعيا الاستقلال، ثم عصى الأفلاق والبغدان واليونان فقمعتهم الدولة، وكبحت جماحهم، وفي سنة 1237، ثار الأروام في الموره على الإسلام، ففتكوا بهم، ونهبوا أموالهم، واستحلوا بهم ما حرم الله، فتكدر السلطان من ذلك، وأصدر أمره إلى محمد علي باشا، حاكم مصر، بمناهضة الأروام، فأرسل لمقاتلتهم عمارة بحرية تحت قيادة ولده المرحوم إبراهيم باشا، ولما وصلت إلى الموره انضمت عساكرها إلى عساكر الدولة، وقاتلوا اليونان وفتكوا بهم فتكا ذريعا، فأخذوا يستغيثون بالدول عموما، وبإنكلترا خصوصا، حتى توسطت بالصلح، فلم يقبل الباب العالي، وإذ ذاك اتفق وكلاء فرنسا والروسية مع إنكترا في لوندره، وقرروا شروط الصلح وأرسلوها إلى الباب العالي فرفضها، وحينئذ أرسلت هذه الدول مراكبها الحربية إلى مياه ناوران في أساكل اليونان، فأطلقت قنابلها على مراكب الدولة فأغرقتها. وفي سنة 1243 استقل اليونان استقلالا تاما.
وبعد ذلك عمد السلطان محمود إلى تعليم الأليكشارية الفنون الحربية الحديثة، فأمر محمد سليم باشا، الصدر الأعظم، أن يجمع رجال السلطنة وكبار الأليكشاريات في بيت شيخ الإسلام طاهر أفندي، وبين لهم الأضرار التي نجمت للبلاد بأسباب الأليكشارية وعدم إطاعتهم لأوامر الدولة، وبعد أن أعرب لهم ذلك تفصيلا أخذ يتلو عليهم الأمر السلطاني القاضي بتعليم العساكر النظام الجديد، ووضعهم تحت أحكام قانونية حتى يتعهدوا بإنفاذه. وبعد إتمام ما ذكر، حدث أن البعض نكثوا العهد واتحدوا مع الأليكشارية فهجموا على منزل الصدر الأعظم، طالبين قتل من كان السبب بإحداث النظام الجديد، وطفقوا بعد ذلك ينهبون ويقتلون ويحرقون، فتملص منهم الصدر الأعظم وحضر إلى السلطان، فأوقفه على ما أحدثه الأليكشارية من الشغب والهياج، فأمره السلطان أن يجمع عساكر الطوبجية والإسلام أمام باب السراي، ولما تم اجتماعهم خرج إليهم السلطان محمود، وألقى خطابا حثهم فيه على قتل المفسدين الذين يخالفون أوامر خليفة الله في أرضه، فامتثلوا أمره، وأخرجوا السنجق الشريف إلى فسحة السراي، وسلمه السلطان إلى شيخ الإسلام وعاد إلى كرسيه، وحينئذ هجم الإسلام وعساكر الطوبجية على الأليكشارية، وأطلقوا عليهم المدافع والرصاص، وعملوا فيهم السيوف حتى قتلوهم عن آخرهم، وأراحوا الدولة والبلاد من شرورهم ومفاسدهم، وعقيب ذلك ابتدأت الدولة أن تكثر من الجنود النظامية، وتعدل القوانين القديمة، وتصلح المراكب المتعطلة، وإذ ذاك اختلست الروسية تلك الفرصة وقطعت نهر الطونه. وفي سنة 1245، جهزت الروسية جيشا كثيفا مؤلفا من مائتي ألف مقاتل، وزحفت بهم على بلاد الدولة، فاستولت على أكثرها حتى وصلت إلى أدرنه، وعندئذ عقدت معاهدة أدرنه التي من مقتضاها أن لا يقيم الإسلام في بلاد الأفلاق والبغدان، وأن يحق لسفن الروس المرور بالبحر الأسود والأبيض، وفي السنة ذاتها استولت فرنسا على الجزائر بعد حرب دموية، وفي سنة 1247، عصى محمد علي باشا الكبير، حاكم مصر، فأرسل ولده المغفور له إبراهيم باشا بثلاثين ألف مقاتل، وأردفهم بالعمارة البحرية، فافتتح بهم غزة ويافا، ثم حاصر عكا بحرا وبرا مدة ثمانية أشهر، ولما استعصت عليه استنجد بالأمير بشير، حاكم جبل لبنان، فأسرع حالا لنجدته بما لديه من الرجال والمال. ولما بلغ الدولة ذلك أصدرت منشورا شريفا أعلنت به عصيان حاكم مصر، وأمرت محمد باشا، والي حلب، بجمع العساكر ومحاربة إبراهيم باشا الذي أخذ في التقدم فائزا منصورا في جميع مواقعه، حتى استولى على صور وصيدا وبيروت، ثم وجه عسكرا إلى طرابلس الشام فافتتحها، وامتلك حمص، ثم سار بالعساكر المصرية واستلم الشام، وامتلك حلب، وحارب العساكر الشاهانية في أنطاكيه وبيلان. وفي سنة 1255، صدرت الأوامر إلى حافظ باشا بأن يجمع العساكر العثمانية لمحاربة إبراهيم باشا، وقد التقى الفريقان في سهل بالقرب من زيب؛ حيث اشتد القتال وجرت الدماء، ونادى دلال المنايا في ميادين المعركة ببيع الأرواح رخيصة، وبعد أن قتل عدد جسيم من الطرفين استظهر إبراهيم باشا على العساكر العثمانية، وهزمها إلى مرعش، وأخذ يستولي على بلاد الدولة حتى تبوأ جملة بلاد. وفي تلك الأثناء انتقل السلطان محمود إلى دار البقاء، وذلك عام 1255، بعد أن جلس على سرير السلطنة 32 سنة، وكان شجاعا عاقلا عادلا يحب الرعية وتأييد شوكة السلطنة، رحمه الله رحمة واسعة.
السلطان الحادي والثلاثون
السلطان عبد المجيد خان ابن السلطان محمود خان الثاني
अज्ञात पृष्ठ