इतिहास पूर्व का इतिहास
تاريخ ما قبل التاريخ
शैलियों
وعند «سعيد زايد» خريج كلية الآداب في جامعة فؤاد الأول في القاهرة أن هناك صلة متينة بين الدين والفلسفة، وأنه إذا كان الدين في أول أمره يعتمد على مخاطبة القلب قبل العقل، إلا أن المتدينين لا يلبثون أن يواجهوا مشكلات لاهوتية لا تحل إلا بنور العقل، والسبيل إلى ذلك الفلسفة، فبعد أن استقرت الدعوة الإلهية واستتبت الأمور واتسعت رقعة الدولة الإسلامية، ودخلت أمم كثيرة متمدينة تحت لواء الإسلام، اتسع الوقت للمناقشة والجدل، وواجه المسلمون أقواما درسوا الفلسفة والمنطق، لا يكفيهم في الإقناع أن يقال لهم: قال الله تعالى كذا، أو قال الرسول
صلى الله عليه وسلم
كيت، لا سيما والله تعالى ورسوله يدعونهم إلى تحكيم العقل فيما يدعون إليه. إزاء هذه الحالة لم ير المسلمون بدا من الإقبال على دراسة الفلسفة والمنطق، ومن أن يطلبوا حكم العقل في أمور الدين، فنشأت فلسفة إسلامية ترمي إلى التوفيق بين العقل والنقل، واصطنع منهج التأويل.
ففي مسألة الوحدة نجد ابن سينا، الذي عني بهذه المسألة عناية واضحة تبدو للمتأمل في مؤلفاته العديدة، ولا سيما في مباحثه الميتافيزيقية - أي المتصلة بما بعد الطبيعة - في واجب الوجود الذي لا يحتاج في وجوده إلى غير ذاته، فهو علة ذاته وعلة كل الممكنات الأخرى؛ نجد المعلم الثالث «ابن سينا» يحاول من ناحيته أن يثبت بالدليل النقلي ما قد أثبته عن طريق الاستدلال العقلي من وحدانية واجب الوجود، غير أنه لا يتيسر له ذلك توا دون الالتجاء إلى تأويل بعض النصوص القرآنية، التي وردت فيها آيات تدلل على أن الله واحد، ولا أظن أن المجال يتيح لنا عرض صور مختلفة لما لجأ إليه ابن سينا من التأويل في كل ما ورد من الآيات فيما يختص بالوحدانية، وإنما يكفي أن نشير إلى تأويلاته في تفسير سورة الإخلاص، متخذين هذا التأويل أنموذجا يوقفنا على مدى ما ذهب إليه المعلم الثالث في تفسيره وتأويله.
قل هو الله أحد
يعود بنا ابن سينا في تفسيره لهذه الآية إلى فلسفته الميتافيزيقية، فيقول: «الهو المطلق هو الذي لا تكون هويته موقوفة على غيره»، أو بمعنى آخر هو أن وجوده متوقف على ماهيته وذاته، على نقيض الممكن الذي يتوقف وجوده على غيره، وإذا كان وجود «الهو» المطلق متوقفا على ذاته، كان واجب الوجود؛ لأن وجوده هو عين الذات؛ إذ إن اقتران «الهو» بالله يكشف عن أن المقصود «بالهو» هو الهوية الإلهية.
وهذا بحق لازم من لوازم تعريف الألوهية بالوحدانية، لكمال بساطتها وغاية وحدتها. ويعلق ابن سينا على ذكر اللوازم القريبة «للهو هو» بأن ذلك تعريف حقيقي؛ لأن التعريف الحقيقي هو الذي يذكر فيه اللازم القريب للشيء الذي يقتضيه الشيء لذاته، لا لغيره؛ لأنه إذا ذكر فيه اللازم البعيد لا نستطيع أن نقرر أن هذا اللازم معلول للشيء حقيقة، بل كل ما نستطيع أن نقرره أنه قد يكون معلولا لمعلوله. ثم يتطرق ابن سينا في تفسيره إلى أن يفرض سؤالا قد يمكن أن يوجه إليه، وهو أن ماهيته تعالى، إذا كان لا يمكن لغيره معرفتها إلا بوساطة صفات السلوب والإضافات، فلم لم يذكر ذلك واقتصر على ذكر اللوازم؟ ويجيب على هذا السؤال بأن الله بوصفه عاقلا ومعقولا، واحد ليس له مقومات، بل إنه وحدة مجردة، وبساطة محضة لا كثرة فيه، ولا اثنينية هناك أصلا، وعقله لذاته، ولا يعقل من ذاته إلا الهوية المحضة المجردة عن الكثرة؛ ولذا عرفها بلوازمها القريبة، وتأكيده بأنه واحد مبالغة في الوحدة، لعدم وجود التشكك في أنه واحد من جميع الوجوه، وأنه منزه عن الكثرة، سواء أكانت كثرة معنوية كالأجناس والفصول، أم كثرة مقومات كالمادة والصورة والأعراض.
ثم إن ابن سينا في تفسيره «الصمد» يقرر أن لهذه الكلمة تفسيرين: أولهما الذي لا جوف له، وثانيهما السيد. ثم يؤول التفسير الأول بأن الصمد صفة سلوب تنفي الماهية؛ لأن كل ما له ماهية له جوف وباطن، وما لا بطن له وهو موجود لا اعتبار لذاته إلا بالوجود، والذي لا اعتبار له إلا بالوجود يكون غير قابل للعدم، فالشيء من حيث هو موجود، يكون غير قابل للعدم، فالصمد يكون بهذا المعنى واجب الوجود من جميع الوجوه.
أما التفسير الثاني لكلمة «الصمد» بوصفه سيدا فيؤولها ابن سينا على أن المقصود أنه سيد للكل؛ أي مبدأ الوجود وعليه الأولى ...
ويؤول ابن سينا قوله:
अज्ञात पृष्ठ