فاستعدت قريش للقائه والحفاوة بمقدمه وخرج صلى الله عليه وسلم من المدينة في أواخر ذي القعدة بعد أن صلى الظهر بها واصطحب معه جميع زوجاته ووجهاء المهاجرين والأنصار ولحق به جمع غفير فمضى صلى الله عليه وسلم في موكب عظيم كان يزيد احتشادا كلما مضى به الطريق الى مكة ، ولما انتهى صلى الله عليه وسلم إلى مكة دخلها من أعلاها ثم سار في موكبه الى المسجد فابتدأ الطواف ثم خرج إلى الصفا والمروة حتى إذا انتهى من مكة رجع إلى قبته في ظاهر مكة وقد أقام فيها أربعة أيام إلى أن كان يوم التروية ثامن ذي الحجة ثم توجه ضحى بمن معه من المسلمين الى منى فصلى فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وبات ليلته ولما أشرقت شمس اليوم التاسع استأنف سيره الى عرفات وكانت قبته قد ضربت له في نمرة (1) فنزل بها ولما زالت الشمس أمر بناقته القصواء فركبها وركب المسلمون بركوبه فلما كان في بطن وادي عرنه على خطوات من قبته وقف يخطب الناس على راحلته خطبته العظيمة الشهيرة بخطبة الوداع وفي هذه الخطبة قرر قواعد الإسلام وهدم قواعد الشرك ووضع أمور الجاهلية تحت قدميه وأبطل الربا وحرم الحرمات من الدماء والأموال والأعراض وفصل كثيرا من شؤون الإسلام وأوصى أمته بالاعتصام بكتابهم فقال : وقد تركت فيكم ما ان اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا ثم نادى : اللهم هل بلغت قالوا نعم. قال اللهم فاشهد ، اللهم فاشهد ، اللهم فاشهد (2).
ثم أمر بلالا فأذن ثم أقام الصلاة وصلى الظهر والعصر قصرا ثم مضى حتى أتى الموقف فوقف على بعيره متضرعا مبتهلا حتى غربت الشمس ثم أفاض عن عرفات حتى أتى المزدلفة فصلى فيها المغرب والعشاء وأمر ابن عباس
पृष्ठ 75