* في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم نقطة تحول في تاريخ مكة بل كانت بلغة أوضح من هذا فاصلا بدأت به عهدها الجديد كقبلة يتوجه إليها الملايين من المسلمين في كل يوم خمس مرات ومحجة يهرع إليها مئات الألوف في كل عام من شتى أصقاع الأرض.
ونحن إذ نكتب هذا عن هذه الفترة الفاصلة من تاريخ مكة ونتابع أحداث البعثة فيها لا اعتقد أننا مطالبون بالتفصيلات الطويلة التي توسع فيها كتاب السيرة لأن المظان الخاصة بهذا حافلة بالكثير الذي لا نطمع الى مزيد فيه وبحسبنا أن نمر هنا بالحوادث مرورا سريعا لا نهدف فيه إلا إلى ربط الحوادث العامة وتسلسل نتائجها.
** بعثة النبي :
بعث النبي في وسط كانت العقلية السائدة فيه رغم نضجها الذي ذكرنا لا تحجر على متع الحياة ولا تفرض سلطانا على مستبيح في لذة ، وكانت القيم الأخلاقية تزن الحياة بمعايير خاصة فليس من السمو الانساني في مقاييسها أن تهادن في عصبية أو أن تنحاز الى غير قومك مهما كان ظلمهم أو أن تنسى ثأرك مهما كان لونه أو تسلم بقاعدة يكون الفخر فيها لغير بني أبيك.
بعث النبي في وسط يعتنق هذه المبادىء ويدين بها كما يدين العابد بأقدس ما يعتقد فلم يكن على النبي أن يقاوم ما عبدوا من أوثان أو نسكوا من منسك ضال فقط ، بل عليه أن يصمد لهذه القيم الأخلاقية التي تسود المجتمع حوله والتي لا تستسيغ الوحدة تضيع فيها معالم القبيلة.
पृष्ठ 66