وجاء الإسلام وقريش تتخذ هذه السنة عادة موسمية فأمضاها النبي صلى الله عليه وسلم إذ أرسل بمال مع أبي بكر رضياللهعنه عندما أمره أن يحج بالناس سنة تسع للهجرة ليصنع به طعاما للحجاج (2)، وفعل مثل ذلك في حجته للوداع ثم أقام أبو بكر على هذا وكذلك بقية الخلفاء بعده ، يقول أبو الوليد الأزرقي : وظل العمل على هذا الى أيامنا هذه يطعم الخلفاء الموسم في أيام الحج بمكة ومنى حتى تنقضي أيام الموسم وقد عاش أبو الوليد في القرن الثالث الهجري وتوفي حول منتصفه.
ولم أقع فيما قرأت على العهد الذي ألغيت فيه هذه العادة الحسنة وأكبر ظني أنها أبطلت على أثر الفتن والحروب التي كانت السبل تقطع فيها دون مكة ويلفت نظرنا في هذه السنة أنها كانت خرجا عاما تشترك فيه قريش بأموالها ويشترك المسلمون فيه في الصدر الأول للإسلام وأن هذا الاشتراك الشعبي ما لبث أن انتقل بتقادم العصور الى خزائن الخلفاء أو بيوت الأموال فهل تقاعس المكيون عن المجد؟ أم أن أموالهم ضاقت دونه ؟ الواقع أن قريشا كانت من أنشط القبائل في جزيرة العرب تجارة كما بينا ذلك في بحث أعمالها التجارية ، فكانت بذلك في غنى تسع فضلاته اطعام الموسم وجاء الاسلام فاتسع نشاط قريش باتساع رقعة الاسلام ، ودرت الفتوحات والتجارة النشيطة عليهم الأموال الطائلة وأخصبت أراضيهم في الطائف والمدينة وبعض ضواحي مكة وكثير من
पृष्ठ 64