وعني قصي بسقاية الحجاج فاتخذ لهم حياضا من أدم (1) توضع بفناء الكعبة ويسقي فيها الماء العذب من الآبار محمولة على الابل من أطراف مكة البعيدة ، كما عني بتتبع مظان الماء العذب في مكة ، فحفر بئر العجول وهي في المكان الذي يمتد فيه رواق المسجد اليوم مما يلي باب الحميدية (2) وباب الوداع وحفر بئرا عند الردم بجانب مسجد الراية وهي البئر الموجودة اليوم في «الجودرية» في الزقاق الواقع أمام قصر الجفالي (3) وسمي بئر جبير بن مطعم لأن جبيرا هذا نثله بعد أن اندثر واتخذت العناية بالآبار بعد قصي سنة لأولاده فكانوا يتتبعون مظان المياه العذبة ويحتفرون فيها الآبار.
وعنى قصي الى جانب العناية بسقيا الحجاج بالرفادة ، فكان على قريش خرج تخرجه من أموالها في كل موسم فتدفعه الى قصي يصنع به طعاما للحاج يأكله من لم يكن معه سعة ولا زاد.
وكان يشتري بما يجتمع عنده دقيقا ، ويأخذ من كل ذبيحة بدنة أو بقرة أو شاة فخذها فيجمع ذلك كله ثم يجزر به الدقيق ويطعمه الحاج ، واتخذ أولاده هذه سنة بعده حتى أن عمرا حفيده اضطر عندما أصاب مكة في عهده جدب شديد أن يجمع ما تجمع لديه من قريش ويخرج به الى الشام فيشتري به دقيقا وكعكا فيهشم لكعك وينحر الجزور ويطبخه ويجعله ثريدا ويطعم الناس في مجاعتهم وقد سمي بذلك هاشما (4) وفيه يقول الشاعر :
पृष्ठ 63