तारीख़ हर्ब बल्क़न उला
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
शैलियों
وكل من ينظر إلى مشيئة أهالي أدرنه نفسها يجدها تؤيد مطلب الحكومة العثمانية أيضا. فإن عدد سكان تلك المدينة التاريخية يبلغ نحو خمسة وسبعين ألف نفس بينهم نحو خمسة وخمسين ألفا من المسلمين، فهل يعقل أن هؤلاء يفضلون الحكم البلغاري على الحكم العثماني؟ ومما لا ريب فيه أن اليونانيين واليهود في أدرنه لا يختارون حكم البلغار على حكم الأتراك، فلا يمكن بلغاريا والحالة تلك أن تدعي العمل بالقاعدة التي توجب إرجاع البلاد التي يقطنها البلغار إلى بلغاريا وهلم جرا؛ لأن دعواها من هذا الوجه تناقض مصلحتها وتتفق مع المصلحة العثمانية، وهاك فحوى مذكرة قدمها وفد مدينة أدرنه لوزارة الخارجية النمساوية، وهو الوفد الذي أرسله الأهالي على اختلاف أديانهم إلى عواصم أوروبا ليقنع الدول العظمى بوجوب إبقاء أدرنه للدولة العثمانية، قال:
مضت ستة قرون ونحن نعيش تحت الراية العثمانية فلم يقم لدينا مانع في سبيل القيام بواجباتنا الدينية، ولما هجم البلغاريون بحجة تخليص المسيحيين من ظلم الترك هتكوا أعراضنا وقتلوا أولادنا وجعلوا بلادنا أطلالا دارسة، فكانوا يعلقون مئات من النساء بشعورهن، ويقتلون من لا يزيد عمره عن ثماني عشرة سنة، ويبقرون بطون الفتيات المسلمات بالحراب، ويغتالون الأجنة في بطون الوالدات، وبالجملة أنهم أنسوا بفظائعهم ما جرى في القرون الأولى، ونحن نجوب عواصم أوروبا لنعلن مظالم البلغار ولا نشك في أننا نفوز بعطف الدول.
ثم قال:
إن عدد أهالي تراقيه كلها 1229582 نفسا، منهم 189000 بلغاري والباقون؛ أي نحو 1200000 نفس هم من المسلمين والبلغاريين والأروام، فكيف يسلم هؤلاء كلهم إلي أيدي البلغاريين.
فإذا كانت أوروبا لا تشفق على أهل أدرنه بل تصر على تسليمهم إلى البلغار فإن الأدرنيين يؤثرون سفك دمائهم إلى آخر قطرة، وإذا غلبوا على أمرهم فإنهم يهجرون أرضهم؛ لأنهم لا يريدون علما غير الهلال العثماني.
أما المذكرات التي قدمها الوفد لسائر الدول العظمى فإنها لا تخرج بمعناها عما تقدم، وكل ناقد بصير لا يسعه أن يقف عند قول البلغاريين: إن القوة العسكرية هي التي أجبرت ذاك الوفد على تقديم تلك المذكرات؛ لأن من يسلم جدلا بضغط القوة العسكرية، لا يمكنه إلا التسليم أيضا بأن المسلمين واليونانيين والإسرائيليين - وهم الغالبية العظمى - ينفرون من الحكم البلغاري. •••
فكل من ينظر إلى ما تقدم ويضيف إليه أن البلغاريين بعد تلوثهم بتلك الفظائع لا يسعهم أن يدعوا حب الإنسانية، ولا إنقاذ الأهالي من الظلم التركي، وأن سلامة الأستانة نفسها توجب تغيير خط إينوس وميديا، يعلم أن الدولة أقدمت على العمل بينما كانت دخائل السياسة الأوروبية تشجعها، والحق الدولي بجانبها، ونخوة الجيش العثماني تدفعها، ومشيئة أهالي أدرنه وسلامة عاصمتها وإعادة نفوذها الأدبي توجب الحزم عليها، ثم أضف إلى ذاك كله أن القوة كانت لديها. •••
والمأخوذ من الروايات التي يعتمد عليها أن الحكومة العثمانية لما رأت الظروف مؤيدة لها، خطر لها أن لا تكتفي باحتلال أدرنه وأن تثأر من البلغار، ولكن اعتراض روسيا اشتد وظهر في مظهر الجد حين تجاوز بعض الآلايات العثمانية حدود بلغاريا الأصلية، فقد زار عندئذ سفير روسيا بالعاصمة العثمانية الصدر الأعظم، وألح في وجوب إصدار الأمر إلى أولئك الجنود بالرجوع من أرض بلغاريا. وذكر السفير الروسي بالعاصمة الإيطالية في حديث أن روسيا لا تحارب تركيا من أجل أدرنه، ولكنها لا ترضى بإعلان الحرب على بلغاريا لسحقها.
فعرفت عند ذاك الحكومة العثمانية كيف تقف عند حد الحكمة وأمرت جنودها بالرجوع من الحدود البلغارية، كما عرفت كيف تواصل سياسة الحزم.
أما بلغاريا فإنها لما رأت الدول العظمى لا تساعدها إلا بالكلام، وأن روسيا على الأخص تأبى أن تسفك دماء أبنائها لتعيد إليها أدرنه وسائر تراقيه، حطت من كبريائها ونظرت إلى الحقيقة وجها لوجه، وطلبت إلى الدولة العلية أن تتفق معها مباشرة، فقابلت الدول العظمى هذا الطلب بالارتياح، ورضيت به الحكومة العثمانية، وبناء عليه بعثت حكومة صوفيا وفدا إلى الأستانة برئاسة الجنرال سافوف للاتفاق مع ولاة الأمور العثمانيين، فاتفقوا على المعاهدة الآتية المعروفة بمعاهدة الأستانة.
अज्ञात पृष्ठ