التوثّق منه، فساروا إليه وبالغوا في الاحتياط والثقة، وخرج توزون (١) من موضع يعرف بالسّنديّة (٢) ليلقى المتّقي، وأصبحوا في غد ذلك اليوم، وكان بين توزون وبين المتّقي نحو فرسخ، ووافت خزائن المتّقي، ووافى جميع الناس على طبقاتهم، وبينما هم على تلك الحال إذ رأوا غبرة عظيمة (٣) إلى أن صارت بإزائهم، وإذا توزون قد أقبل إلى المتّقي وترجّل له وقبّل الأرض، ثم قبّل يده ورجله، وركب وسارا (٤) جميعا، وفي الحال وكّل توزون بالمتّقي وبالوزير، وتحرّم (٥) المتّقي جماعة من الدّيلم والغلمان إلى أن نزلوا بهم، وتحزّم المتّقي في مضرب توزون، وأمر توزون بقيّة الناس بالإنحدار، فساروا إلى السّنديّة (٦)، ونزل العسكر بإزائهم، فارتجّت الدنيا بالنّهب، ونهب قماش الناس وأمتعتهم (٧) وقبض توزون على المتّقي وخلعه من الخلافة في ذلك اليوم، وهو يوم السبت لعشرين (٨) بقين من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وكانت خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهر (٩). وسملت عيناه يوم الأحد عند خلعه، وكان عمره يومئذ ستّ (١٠) وثلاثين سنة. وحبس ووكّل به، وأقام بعد أن خلع أربعا وعشرين سنة (وسبعة أشهر) (١١) ومات بداره.
_________
(١) في نسخة بترو زيادة: «يوم الخميس لاثني عشر ليلة بقيت من صفر سنة ٣٣٣».
(٢) في طبعة المشرق ١٠٠ «بالسندسيّة» وهو غلط، والتصحيح من معجم البلدان ٣/ ٢٦٨ حيث قال: بكسر أوله وسكون ثانيه، بلفظ نسبة المؤنّث إلى السند. وهي قرية من قرى بغداد على نهر عيسى بين بغداد وبين الأنبار، ينسب إليها سندوانيّ.
(٣) في نسخة بترو زيادة «قد أقبلت إلى المتّقي وهي تدنوا».
(٤) في النسخة البريطانية «وساروا».
(٥) في النسخة البريطانية: «وأن تخدم».
(٦) في طبعة المشرق ١٠٠ «السندسية».
(٧) في نسخة بترو «أمتعهم».
(٨) في نسخة بترو «لعشر».
(٩) كذا، والصحيح «شهرا».
(١٠) كذا، والصحيح «ستّا».
(١١) ما بين القوسين ساقط من (ب).
1 / 47