وتمكن من صلاحه، لا يخرجه سبحانه عن كونه محسنا إليه بالتعريض للنفع العظيم، ولا يقتضي قبح فعل المكلف وسوء نظره لنفسه قبح فعله تعالى من التعريض.
فما (1) اختاره العبد المسئ وعلمه سبحانه بأنه لا يؤمن ليس بوجه قبح، كما أن علمنا بأن جميع الكفار لو جمعوا لنا ودعوناهم لم يؤمنوا ليس بمقتض لقبح دعوتنا لمم إلى الإيمان.
وآكد ما اعتمد عليه في هذا الباب: أنه سبحانه قد كلف من علم أنه يكفر أو يعصي مع علمنا بحكمته سبحانه، وأنه لا يفعل قبيحا ولا يريده، وقد كلف من علم أنه يكفر أو يعصي، فيجب القطع على حسنه، لكونه من فعله، وهذا يغني عن تكلف كلام لإفساد كون هذا التكليف لشئ من وجوه القبح، كالظلم والاستفساد وغيرهما.
وإذا كان الوجه في حسن التكليف كونه تعريضا، فينبغي أن نبين ما التعريض المقتضي لحسن التكليف، وهو مفتقر إلى شروط ثلاثة:
أولها: أن يكون المعرض متمكنا مما عرض له.
وثانيها: أن يكون المعرض مريدا لما عرض بفعله للثواب.
وثالثها: أن يكون المعرض عالما أو ظانا وصول المعرض إلى ما عرض له متى فعل ما هو وصله إليه.
والدلالة على الشرط الأول: قبح تعريض الأعمى لما لا يتم إلا بالرؤية، والزمن لما لا يصل إليه إلا بالسعي، بأوائل العقول.
والدلالة على الشرط الثاني: أن من مكن غيره بإعطائه المال من المنافع والمضار لا يكون معرضا له لأحدهما إلا بالإرادة.
पृष्ठ 117