ويجب كونه تعالى مزيحا لعلة المكلف بالتمكين والاستصلاح والبيان، لأن تكليفه من دون ذلك قبيح على ما بينته.
وأما الوجه في ابتداء الخلق وتكليف العقلاء منهم، فالخلق جنسان:
حيوان، وجماد.
فالغرض في إيجاد الحي منه لينفع المكلف بالتفضل والثواب، ويجوز العوض، ويجوز أن يكون في خلقه لطف غيره.
وغير المكلف فالتفضل والعوض، ويجوز أن يكون في خلقه (1) لطف للمكلف.
وغير الحي الغرض في خلقه نفع الحي.
وقلنا: إن الغرض في تكليف العاقل التعريض للثواب.
لأنه سبحانه لما خلقه وأكمل عقله وجعله ذا طباع يقبل (2) إلى القبيح وينفر عن الواجب، ولم يغنه بالحسن عن القبح، ولم يجز أن يكون ذلك لغير غرض لكونه عبثا، ولا لغرض هو الانتفاع به أو دفع الضرر لاستحالتهما عليه تعالى، ولا للإضرار به لكونه ظلما، ولا لدفع الضرر عنه لكونه قادرا على ذلك من دون التكليف فيصير عبثا.
علمنا أن الغرض هو التعريض للنفع.
وقلنا: إن التعريض للنفع حسن.
لعلمنا - وكل عاقل - بحسن تكلف (3) المشاق في أنفسنا، وتعريض غيرنا لها تعريضا للنفع، واستحقاق المدح من عرض غيره لنفع، كاستحقاقه على إيصاله إليه.
पृष्ठ 115