قالوا ما معنى (لا ريب فيه) وقد علمتم أن خلقا يشكون في ذلك فكيف يصح ذلك وان أراد لا ريب فيه عندي وعند من يعلم فلا فائدة في ذلك. فجوابنا ان المراد انه حق يجب أن لا يرتاب فيه وهذا كما يبين المرء الشيء لخصمه فيحسن منه بعد البيان أن يقول هذا كالشمس واضح وهذا لا يشك فيه أحد وهذا كما يقال عند اظهار الشهادتين ان ذلك حق وصدق وان كان في الناس من يكذب بذلك.
[مسألة]
قالوا لما ذا قال تعالى (هدى للمتقين) والهدى عندكم الدلالة وهو دلالة لكل فلما ذا خص المتقين دون غيرهم هلا دل ذلك على ان الهدى هو نفس الايمان. فجوابنا أنه تعالى قد بين في غير موضع ان القرآن هدى للناس فعم الكل وإنما خص المتقين هاهنا من حيث اختصوا بقبوله وهذا كقوله تعالى (إنما أنت منذر من يخشاها) فخصهم من حيث يخشون عند الانذار وان كان صلى الله عليه وسلم كان منذرا للكل كما قال تعالى (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا) وقد ثبت ان ذكر الواحد لا يدل على ان غيره بخلافه.
[مسألة]
يقال ما معنى قوله (الذين يؤمنون بالغيب) ما الغيب الذي مدحهم بالايمان به أولستم تقولون (لا يعلم الغيب إلا الله). وجوابنا ان هذا الغيب يراد به الغائبات التي قام الدليل على صحتها كأمر الآخرة والجنة والنار والملائكة والحساب فمدح المتقين ووصفهم بأنهم يؤمنون بذلك (ويقيمون الصلاة) أي يدومون عليها ويؤدونها بحقها (ومما رزقناهم ينفقون) على وجه البر ولا ينفقون من الحرام الذي جعله الله رزقا لغيرهم فغصبوه ثم قال (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) حتى يؤمنون بكل الرسل ولا يفرقون بينهم (وبالآخرة هم يوقنون) فلا يدخلهم شبهة في ذلك: ثم بين ان هؤلاء هم المفلحون الظافرون بثواب الله فدل بذلك على ان الثواب انما يكون بهذه الطريقة ورغب في التمسك بها وزجر عن خلافها وقد قيل ان في جوابه أن المراد أنهم يؤمنون بظهر الغيب باطنا كما يؤمنون ظاهرا وهذا أيضا حسن.
[مسألة]
पृष्ठ 12