قالوا كيف يقول تعالى (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم) يعني اليهود ثم يقولون من بعد (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا) فنفى في الاول وأثبت في الثاني وذلك تناقض. وجوابنا ان المراد (أفتطمعون أن يؤمنوا) ايمانا ظاهرا وباطنا والذي عناه في قوله (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا) ما أوردوه ظاهرا على وجه النفاق فالكلام مستقيم ولذلك قال (وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم) فذمهم بذلك على هذه الطريقة التي هي النفاق وبين انهم يحرفون التوراة ويشترون بها ثمنا قليلا وانهم كانوا يفعلون ذلك ليستأكلوا ضعفائهم فقال تعالى (فويل لهم مما كتبت أيديهم) ودل بذلك على ان كتمان الحق في الدين يوجب الويل وقوله تعالى (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) زجر عظيم لمن يعصى ربه كما ان قوله تعالى (والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) ترغيب عظيم في التمسك بطاعته. ثم ذكر انه أخذ ميثاق بني اسرائيل في أن لا يعبدوا الا الله وفي أن يتمسكوا بسائر ما ذكر بعد ذلك وانهم خالفوا وتولوا الا قليلا وانهم سفكوا الدماء. وبين تعالى ان جزاء ذلك الخزي في الحياة الدنيا وان يردوا الى أشد العذاب وزجر بذلك عن مثل فعلهم وذمهم على التكذيب بالقرآن بقوله (وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه) كل ذلك رجز عن فعل مثلهم.
[مسألة]
وقالوا قال تعالى (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) فقالوا كيف يجوز تعليله لإنزاله القرآن بأنهم أعداؤه. وجوابنا انه أراد توكيد ذمهم بانه بالمحل الذي ينزل به الوحي والقرآن لاجله على الرسل وزجرهم بذلك عن عداوتهم ثم بين ان من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فالله عدوه بقوله (فإن الله عدو للكافرين).
[مسألة]
पृष्ठ 27