ان قيل فما معنى قوله تعالى (لعلكم تتقون) ولعل انما يستعمله المتكلم بمعنى الشك: فجوابنا ان المروى عن ابن عباس والحسن ان لعل وعسى من الله واجب فالمراد لكي تتقوا ولكي تشكروا وتفلحوا وذلك أحد ما يدلنا على انه تعالى لا يريد من المكلف الا الطاعة التي هي التقوى والشكر وما شاكل ذلك وعلى هذا الوجه قال الله تعالى لموسى وهارون صلى الله عليهما وسلم (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) لانه أراد بذلك تذكره وخشيته وهو الذي يفهم في اللغة واذا ذكر في غير ذلك فهو مجاز. وقد أجاب بعض العلماء بان المخاطب اذا كان لا يعلم هل يختار ذلك أو لا يختاره صح من المخاطب ان يخاطبه بذلك ليترجاه فمن حيث كان المخاطب مترجيا غير قاطع جاز ان يخاطب بذلك فامر تعالى بعبادته ثم قال في آخره (فلا تجعلوا لله أندادا) وهذا هو معنى الاخلاص أي اعبدوه ووحدوه ثم نبه تنزيه القرآن (2) على وجوب الاعتراف بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم فقال (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله) فقد أوتيتم الفصاحة التامة فان كان غير صادق ولكم الحمية والآنفة وقد الزمكم طاعة الله والانقياد فما الذي يقعدكم عن ان تأتوا بمثله وهلا دل قعودكم عن ذلك على ان القرآن معجز يدل على صدقه في النبوة وبين انهم كما لم يأتون بمثله فكذلك حالهم أبدا بقوله (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا).
[مسألة]
يقال لم قال تعالى (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة) وكيف تكون الحجارة وقودا وكيف يصح في الناس ان يكونوا وقودا لها وهم لا يحترقون. فجوابنا انه تعالى نبه على عظمها وانها لذلك تحترق بالحجارة وليس اذا كان الناس وقودها وجب ان يفنوا لانه تعالى يمنع وصول النار الى المقاتل وانما تحترق ظواهرهم كما قال عز وجل (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) أعاذنا الله منها بالتقوى.
[مسألة]
قالوا فقد قال تعالى في هذه النار (أعدت للكافرين) فهلا دل على ان غير الكفار لا يدخلونها. فجوابنا ان للنيران دركات فهذا صفة واحدة منها وبعد فليس اذا ذكر الله تعالى انها معدة للكافرين دل على نفي غيرهم وعقب ذلك بقوله (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) وبين ان لهم فيها أزواجا مطهرة من الامور التي ربما تنفر في دار الدنيا من ضروب ما يتأذى به.
[مسألة]
पृष्ठ 18