فيبقى الناظر إلى براءة الخوارج من علي بقتله لهم على شك أنهم محقون في حكمهم بذلك في عثمان وعلي أم هم ضالون ، ولا سبيل له عن خروجه [من إلا إما] (¬1) أن يعرفهم أنهم محقون أو يبقى على شك ، فإن حكم بهم أنهم مبطلون لم يكن حكمه بذلك يخرجه عن الشك في أصل الشريعة ، وإنما تعداه إلى حكم القطع فيهم على حكم التعدي عن أحكام الشريعة ؛ لأنه حكم عليهم بغير دليل من أحكام التنزيل فيهم ، أو في مثلهم على التصريح ، ولا بدليل صحيح من السنة فإن كان معه بدليل من السنة فلا حجة[28/ب] له بذلك الدليل في بحثه لطلب الحق وللفرقة المحقة ؛ لأن ما معه في ذلك من السنة بروايات من قد صح معه بهذه الأبحاث أنهم من الفرق الضالة ، ولا حجة رفيعة أهل الضلال إذ البحث كله هذا [24/ج] على تقرير أنه لا حجة لأهل الضلال في رفع الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم مما لا تقوم الحجة بمعرفته وصحته إلا بالسماع ، فيشاهد بنور العقل أن حكمه ذلك بغير حجة ، وإن كان من التنزيل من قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " (¬2) ، فهم أطاعوه إلى أن [لعله] (¬3) ترك الإمارة، وقلدها عنق حكمين ، وخلعاه منها ، وصار ليس من أولى الأمر بأذنه وأمره وفعله بنفسه لنفسه .
¬__________
(¬1) هكذا في كل المخطوطات ، و هو غير واضح ، و ربما يكون الكلام إلا أن يعرفهم .
(¬2) سورة النساء :59 .
(¬3) سقط في ب.
पृष्ठ 58