قال: "وقد رواه أبو سعيد الأشج" ١، عن ابن فضيل، بسند البخاري. فقال فيه: "قال: (سئلت ٢ أم رومان) فذكر القصة، قال الخطيب: "كتبت (سألت) بالألف على اصطلاح من يجعل الهمزة في الخط ألفا، وإن كانت مكسورة، أو مضمومة" ٣. قلت: ولا يتأتى هذا التأويل في قول مسروق: (حدثتني أم رومان) . كما رواه البخاري ٤، من طريق أبي عوانة.
فالأولى رد الوهم فيه إلى حصين بعد اختلاطه ٥، والحاصل أن هذا الحديث منقطع بين مسروق وأم رومان ٦، وقد ذكر شيخنا المزي في الأطراف ٧، أن بعض الرواة، رواه عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، عن أم رومان. قال: "وهو أشبه بالصواب " ٨.
وأما ذكر إبراهيم الحربي، أن مسروقا كان يسأل أم رومان وله خمس عشرة سنة، فهو وهم ٩ منه ١٠. قال محمد بن سعد وجماعة: "توفي مسروق سنة ثلاث وستين ١١. وقال
_________
١ عبد الله بن سعيد.
٢ في الأصل: "سئلت".
٣ تقدم إثبات عدم صحة التحليل، ويدفعه - كما ذكر المؤلف - قول مسروق: "حدثتني أم رومان ".
٤ خ ٥/٦٠.
٥ محاولة تحميل حصين علة تقدح في سماع مسروق من أم رومان غير وارد لما تقدم ذكره من أدلة إمكانية السماع، وتأخر وفاة أم رومان عن التاريخ الذي بنيت عليه فكرة عدم السماع. انظر: ص ٥٣، ٥٤، ت ١٠.
٦ هذه النتيجة بنيت على خطأ، فلا تكون مسلمة، والصواب خلافها للأسباب المتقدم بيانها ونجملها فيما يلي:
١- أن عبد الرحمن بن أبي بكر- ﵄ أسلم هو ومعاوية يوم الفتح، وقيل: في صلح الحديبية، وعلى كل فهما متقاربان، كان صلح الحديبية في ذي القعدة، والفتح كان في رمضان سنة ثمان من الهجرة. والقصة قطعا وقعت بعد إسلامه، إلا أن يزعم زاعم أن إسلام عبد الرحمن وقع قبل الحديبية بزمن، وحينئذ عليه الإثبات.
٢- إذا تقرر أن إسلام عبد الرحمن كان بعد الحديبية، فقد ثبت أن عبد الرحمن، وأمه، وامرأته، وخادمه، كانوا أضيافا على أبي بكر. (خ ١٧٢٤) .
٣- ورد النص على أم عائشة - وهي أم رومان - وأمرها الرسول ﷺ أن تستشيرها في قضية التخيير. وآية التخيير كانت سنة تسع.
٤- معلوم أن أم عبد الرحمن هي أم رومان، وهو شقيقها، كما نص على ذلك أهل العلم، منهم ابن سعد (الطبقات٥/٢٥١) وبعد هذا، فالحاصل بعد التحقيق أن الحديث متصل، وثبوت سماع مسروق من أم رومان لا ريب فيه، ولم يخف على فارس هذا الميدان الإمام البخاري.
٧ انظر: تحفة الأشراف ١٣/٧٩.
٨ ليس فيه قادح، ولا مرجح لعدم السماع، بل يمكن أن يكون مسروق سمعه مرة منها، وأخرى بواسطة عنها، ومسروق يهمه أن يسمع من أكثر من صحابي.
٩ بل الحق مع إبراهيم - كما سيأتي بيانه -.
١٠ ٣/ب.
١١ الطبقات (٦/٨٤) .
1 / 57