============================================================
الفن الثالث علم البديع ومنه: الإدماج: وهو أن يضمن كلام سيق لمعنى معنى آخر، فهو أعم من الاستتباع، كقوله: أقلب فيه أحفاني كاني أعد ها على الدهر الذنوبا فانه ضمن وصف الليل بالطول الشكاية من الدهر. ومنه: التوجيه: وهو إيراد الكلام محتملا لوجهين مختلفين، كقول من قال لأعور: عينيه سواء السكاكي: ومنه متشاهات القرآن باعتبار. ومنه الهزل الذي يراد به الجد، كقوله: إذا ما تيمي أتاك مفاخرا فقل عد عن ذا كيف اكلك للضب ومنه تحاهل العارف، وهو - كما سماه السكاكي: سوق المعلوم مساق غيره لنكتة، كالتوبيخ في قول الخارجية: أيا شجر الخابور ما لك مورقا كأنك لم تحزع على ابن طريف والمبالغة في المدح، كقوله: المع برق سرى أم ضوء مصباح أم ابتسامتها بالمنظر الضاحي اقلب إلخ: المعنى أني أبيت الليل ساهرا أقلب أحفاني فيه واكثر طبقها وفتحها، كأني أعد ها ذنوب الدهر إلي وحناياته على أي كما أن ذنوب الدهر كثيرة لا يفى كذلك تقليب أحفاني لا يفنى فلا نوم هناك.
لت الخ يحتمل آن يكون معناه ليته يبصر بإحدى عينيه كما يبصر بالأخرى، ويحتمل أن يكون معناه ليته م يبصر بأحدى عينيه كما لا يبصر بالأخرى، وحينئذ يكون ذما، وفي الوجه الأول مدحا.
باعتبار: وهو احتمالها بوحهين مختلفين، وتفارقه باعتبار آخر وهو عدم استواء الاحتمالين؛ لأن أحد المعنيين في المتشاهات قريب والآخر بعيد. اكلك إلخ: هذا هزل، ولكن المراد به الجد. شجر الخابور: موضع من نواحى ديار بكر. مورقا: أي ناظرا من أورق إذا صار ذا ورق. كأنك إلخ: فهى تعلم أن الشحر لم تجزع على ابن طريف، لكنها تحاهلت فاستعملت لفظ "كأن" الدال على الشك لتوبيخه؛ مبالغة في وحوب الجزع كأها لحزها تخيلت آن الأرض وما عليها يعرف حالها فخاطبت الشحر ببما خاطبت.
पृष्ठ 130