============================================================
الفن الثالث وأصل الاستثناء فيه أيضا أن يكون متصلا كالضرب الأول، لكنه لم يقدر متصلا، فلا يفيد التأكيد إلا من الوجه الثاني، وهذا كان الأول أفضل. ومنه ضرب آخر، ووما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا (لأعراف: 126)، والاستدراك في هذا الباب كالاستثناع كما في قوله: هو البدر إلا أنه البحر زاخرا سوى أنه الضرغام لكنه الوبل ومنه: تأكيد الذم بما يشبه المدح، وهو ضربان: أحدهما: أن يستثن من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذم بتقدير دخولها فيها، كقولك: فلان لا خير فيه إلا أنه يسيء إلى من أحسن إليه. وثانيهما: أن يثبت للشيء صفة ذم، وتعقب بأداة استثناء برى فبت من الأعمار ما لوحويته لهنيت الدنيا بأنك خالد مدحه بالنهاية في الشجاعة على وجه استتبع مدحه بكونه سبيا لصلاح الدنيا ونظامها. وفيه أنه فب الأعمار دون الأموال، وأنه لم يكن ظالما في قتلهم.
ضرب آخر: وهر آن يؤتى مستثن فيه معنى المدح معمولا للفعل فيه معنى الذم. هذا الباب: أي باب تاكيد المدح ما بشبه الذم كقولك: فالضرب الأول يفيد التاكيد من وحه كون الأصل في الاستشناء الإتصال، وتقدير دخول ما بعد "إلا فيما قبلها، وكون دعوى الشيء ببينة وبرهان، ولا يمكن ذلك في الضرب الثاني لكون المذكور فيه قبل "إلا" صفة ذم مثبتة ولا عموم ها حتى يمكن تقدير الدخول فيها، فالثاني يفيد التاكيد من وجه واحد.
على قياس ما مر: في تاكيد المدح تما يشبه الذم. فبت من الأعمار إلخ: البيت للمتبي في مدح سيف الدولة يصفه بالشجاعة والعدل، يقول: إنك أخذت من أعمار الأعداء عددا لايحصى ومبلغا لا يدرى بحيث لو جمعت ذلك العدد لنفسك وأعطيت الحيوة بقدرها في الدنيا، فخلدت هنيت الدنيا من كل مهنا من أهاليها وغيرهم بخلودك فيها.
مدحه الخ: حيث جعل قتلاه بحيث يخلد وارت آعمارهم.
पृष्ठ 129