وأظهر ما خفى من نثر بلغائها، ودرس من نظم شعرائها، وأذكر ما نسى من مكارم كرمائها،/ وكرامة صلحائها؛ فالإنسان يكرم بكرامة أهله، كما يعظم بنبله وفضله.
وكان شيخى الأستاذ الحجّة البارع جامع المناقب والمآثر، والمحامد والمفاخر، ذخر الأوائل وشرف الأواخر، ذو العلوم الجمّة الفائقة، والآداب المنقّحة المحقّقة الرّائقه، والفضائل التى النفوس إليها شائقة وبها واثقه، أثير الدّين أبو حيّان (^١) محمد بن يوسف الأندلسىّ الغرناطىّ، أبقاه الله تعالى للعلوم الشرعية يبرزها ويظهرها، وللفنون الأدبيّة يناضل عنها (^٢) بالأدلّة وينصرها، أشار علىّ أن أعمل تاريخا للصّعيد مرّة ومرّه، وراجعنى فى ذلك كرّة بعد كرّه، فرأيت امتثال إشارته علىّ متعيّنا حتما، والإعراض عن إجابته غرما لا غنما، فشرعت فى هذا التأليف مرتّبا له على الأسماء، ولم أجد من تقدّمنى فيه فأكون له تابعا، ولا من أسأله فأكون لما يورده جامعا، فأنا مبتكر (^٣) لهذا العمل، ملجأ (^٤) إلى الفتور والكسل، متحرّ إلى حصول الخلل، متصدّ لما أنا منه على وجل، لكنّى أبذل فيه جهدى، وأورد منه ما عندى، وأخصّ به «قوص» وما يضاف إليها من القرى والبلاد، وأقصره على أهلها ومن ولد بها، ومن أقام بها سنين حتى دفن بها ونسب (^٥) إليها من العباد (^٦)، أو تأهّل بها وله بها
_________
(^١) شيخ المؤلف ونحوى عصره ولغويه، ومفسره ومحدثه، وأديبه ومؤرخه كما قال السيوطى بحق، ولد عام ٦٥٤ هـ وتوفى عام ٧٤٥ هـ، انظر ما كتبناه عنه فى مقدمة الطالع.
(^٢) كذا فى التيمورية، وفى بقية الأصول: «يناضل عليها».
(^٣) كذا فى نسختنا س، وهو أيضا رواية التيمورية د، وفى النسخ الأخرى: «فانا منكر».
ولم يكن الأدفوى أول من ألف فى تاريخ الصعيد، فقد سبقه مؤرخون منهم ابن يونس الحافظ أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد الصدفى المتوفى سنة ٣٤٧ هـ، والإدريسى محمد بن عبد العزيز المتوفى سنة ٦٤٩ هـ، انظر: كشف الظنون/ ١١٥٩، و١٧٧٧.
(^٤) فى ج: «متكئ».
(^٥) فى ج: «وينسب إليها»:
(^٦) فى د: «العباد»، بضم العين وتشديد الباء، جمع عابد.
1 / 5