وقرينه جمال الدين محمد بن سالم بن نصر الله بن سالم بن واصل الحموي الشافعي، قاضي القضاة المتوفى ٦٩٧ هـ أن القاضي سراج الدين الأرموي قد بعثه الملك الصالح نجم الدين أيوب إلى الانبراطور الذي صالحه الملك الصالح نجم الدين على تسليم بيت المقدس للنصارى، وأقام سراج الدين عنده مكرمًا مدةً، وصنف له كتابًا في المنطق، وأحسن إليه الانبراطور إحسانًا كبيرًا، وعاد سراج الدين الأرموي للملك الصالح منعمًا.
وهذه القصة إن دلت على شيء إنما تدل على منزلة القاضي الأرموي ﵀ حيث إنه في هذه السن المبكرة وصل إلى أن يكون سفيرًا لملك بني أيوب.
ثم بعد ذلك يظهر لنا أن الركائب قد أناخت به في دمشق الشام ملتقى العلماء، والتي شهدت من العلماء ما لم تشهده مدينة أخرى في هذا القرن بلا نزاع، والذي يبدو لي من نسخ كتابه التحصيل أنه صنف كتابه التحصيل في دمشق، حيث إن معظم النسخ قد أثبتت في آخرها أنها دُونت في دمشق
الشام، وكانت الشام في هذه الفترة تحت سلطان بني أيوب. ثم ربما سافر خلال مدة إقامته في دمشق إلى بلاد أخرى، وقد ذكر المقريزي في كتاب السلوك (١) لمعرفة دول الملوك، أن القاضي سراج الدين الأرموي قد قدم إلى مصر، وكان ذلك برفقة الملك السلطان المعظم غياث الدين توران شاه بن الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل محمد بن العادل، المتوفى ٦٤٨ هـ، عندما طلبت منه زوجة أبيه شجرة الدر الحضور لتولي الأمر لموت أبيه، وكان برفقته أيضًا سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام وبهاء الدين بن الجميزي وبعض العلماء، وحدث بينهم مناظرات ومباحثات فقهية منها في ٢ ذي الحجة سنة ٦٤٧ هـ، وكان موضع الحديث قوله- ﷺ: "نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه" (٢).
_________
(١) كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك ٢/ ٣٥٤.
(٢) قال العجلوني في كشف الخفا: ٢/ ٣٢٣، اشتهر هذا الأثر في كلام الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية من قول عمر وبعضهم رفعه. ونقل عن السخاوي في المقاصد الحسنة أنه قال: ظفر به ابن حجر في مشكل الحديث لابن قتيبة من غير إسناد. وورد في بعض =
1 / 26