رأي الشيخ ابن تيمية
جاء في الفتاوي الكبرى للشيخ ابن تيمية:
وسئل: مفتي الأنام، بقية السلف الكرام، تقي الدين، بقية المجتهدين، أثابه الله، وأحسن إليه، عن تلقين الميت في قبره بعد الفراغ من دفنه، هل صح فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عن صحابته؟ وهل إذا لم يكن فيه شيء يجوز فعله أم لا؟
فأجاب: هذا التلقين المذكور قد نقل عن طائفة من الصحابة: أنهم أمروا به. كأبي أمامة الباهلي، وغيره. وروي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكنه مما لا يحكم بصحته ولم يكن كثير من الصحابة يفعل ذلك، فلهذا قال الإمام أحمد وغيره من العلماء: إن هذا التلقين لا بأس به. فرخصوا فيه، ولم يأمروا به، واستحبه طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد، وكرهه طائفة من العلماء من أصحاب مالك وغيرهم.
والذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقوم على قبر الرجل من أصحابه إذا دفن ويقول: ((سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لقنوا أمواتكم لا إله إلا الله))، فتلقين المحتضر سنة مأمور بها.
وقد ثبت أن المقبور يسأل ويمتحن وأنه يؤمر بالدعاء له فلهذا قيل: إن التلقين ينفعه، فإن الميت يسمع النداء كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إنه ليسمع قرع نعالهم))، وأنه قال: ((ما أنتم بأسمع لما أقول منهم))، وأنه أمرنا بالسلام على الموتى فقال: ((ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله روحه حتى يرد عليه السلام)). والله أعلم.
وسئل رحمه الله: هل يجب تلقين الميت بعد دفنه أم لا؟ وهل القراءة تصل إلى الميت؟
فأجاب: تلقينه بعد موته ليس واجبا بالإجماع ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة كأبي أمامة وواثلة بن الأسقع.
पृष्ठ 44