============================================================
الذي قال عنه الحريري في خطبة المقامات: فأشار من إشارته حكم، وطاعته غنم.
قال ابن خلكان: رأيت بالقاهرة نسخة بخط المصنف، وقد كتب آنه صنفها لوزير جلال الدين أبي علي بن صدقة وزير المسترشد، فهذا أصح؟ لأنه بخط المصف عندما أتم الحريري أربعين مقامة، حملها من البصرة إلى بغداد وادعاها - وكان ذلك سنة خمسمائة - فلم يصدقه في ذلك جماعة من آدباء بغداد، وقالوا: إنها ليست من تصنيفه، بل هي لرجل مغربي من أهل البلاغة مات بالبصرة ووقعت أوراقه إليه فادعاها، فاستدعاه الوزير إلى الديوان وسأله عن صناعته، فقال: أنا رجل منشيء، فاقترح عليه إنشاء رسالة في واقعة عينها، فانفرد في ناحية من الديوان، وأخذ الدواة والورقة ومكث زمانا كثيرا فلم يفتح الله سبحانه عليه بشيء من ذلك، فقام وهو خجلان، وكان في جملة من أنكر دعواه في عملها أبو القاسم علي بن أفلح الشاعر، فلما لم يعمل الحريري الرسالة التي اقترحها الوزير أنشد ابن أفلح، وقيل: إن هذين البيتين لأبي محمد ابن أحمد المعروف بابن جكينا الحريمي البغدادي الشاعر المشهور : الرجز] شيخ لنا من ربيعة الفرس ينتف عثنونه من اهوس أطقه الله بالمشان كما رماه وسط الديوان بالخرس وكان الحريري يزعم أنه من ربيعة الفرس، وكان مولعا بنتف لحيته عن الفكرة، وكان يسكن في مشان البصرة، فلما رجع إلى بلده عمل عشر مقامات أخر وسيرهن، واعتذر من عيه وحصره في الديوان بما لحقه من المهابة.
وقد عاب ابن الخشاب على مقامات الحريري أوهاما يسيرة، اعتذر عنها ابن بري في كتاب انتصر فيه للحريري، كما سيأتي.
قيل: كان الحريري دميم المنظر عفشا زري اللباس، فيه بخل، ولكن علمه وأدبه كانا يشفعان له ! وحدث مرة أن نهاه الأمير عن نتف لحيته، وتوعده، فتكلم يوما بشيء أعجب الأمير، فقال: سلني ماشئت، قال: أقطعني لحيتي، فضحك، وقال: قد فعلت 14
पृष्ठ 15