وتأويل ( ونفس وما سواها (7)) فهو (1): الأنفس ، التي قد علمناها لكل ذي نفس من البهائم والإنس ، وهي التي إذا فارقت وزالت ، ماتت أجسادها وخفت ، فعادت أجسادها أمواتا هلاكا ، ولم ير لها أحد بعد ذهاب أنفسها منها حراكا ، ( وما سواها ) فهو وما هيأها فجعلها حية كما جعلها ، وعدلها سوية كما عدلها ، من قدرة الله وإحكامه ، ومنته عليها وإنعامه.
وتأويل ( فألهمها فجورها وتقواها (8)) ، هو فعرفها تدبير الله لها وإحكامه هيئتها واجتراها ، فجعلها تبارك وتعالى عارفة ، بكل ما كانت عليه مجترئة أوله خائفة.
ثم أخبر سبحانه أن نفس الإنسان ، من بين ما ذكرنا من الحيوان ، نفس بين الزكاء والفلاح ، والفجور والتدسية والصلاح ، فإن تزكت بالتقوى أفلحت وزكت ، وإن تدست بالفجور عند الله طلحت وهلكت ، فقال سبحانه : ( قد أفلح من زكاها (9) وقد خاب من دساها (10)) وتأويل تزكيتها : هو تطهرتها ، وتأويل تدسيتها : فهو (2) تطغيتها.
ثم ذكر تبارك وتعالى من دساها ، من سالف الأمم في الفجور فأطغاها ، فقال سبحانه : ( كذبت ثمود بطغواها (11)) ، تأويله : بعتاها وغواها ، ( إذ انبعث أشقاها (12)) ، وتأويله : إذ قام أخزاها ، لشقوته وشؤمه ، وبرضاء عشيرته وقومه (3)، والأشقى فقد يكون إنسانا واحدا ، أو يكون جماعة عدة وأي ذلك قيل به كانت المقالة في الصدق والمعنى واحدا ، كما يقال : أشقى هذه قبيلة فلان وأشقى هذه قبيلة بني فلان ، فيكون ذلك كله واحدا في الدلالة والبيان.
ويدل على أن أشقاهم ، ليس بواحد منهم ، قوله سبحانه : ( فقال لهم )، فلو كان واحدا منهم ، لقال : فقال له. وقوله : ( فدمدم عليهم ربهم بذنبهم )، فلو كان الأشقى واحدا منهم ، لقال : فدمدم عليه ربه ، ولقال أيضا : بذنبه ، ولم يقل :
पृष्ठ 119