فسبحان مفصل الأمور والأشياء ؛ لبقاء ما أراد بقاءه من النبات والأحياء. وليعلم العالمون عدد السنين والحساب ، الذي عنه وبه يكون كل جيئة وذهاب ، أو بقاء لشيء من الأشياء جعله يبقى ، أو يفنى مما فطره سبحانه خلقا ، كما قال جل ثناؤه ، وتقدست بكل بركة أسماؤه : ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا (12)) [الإسراء : 12].
وتأويل ( والنهار إذا جلاها )، فهو : والنهار إذا أضحاها ، فبانت وظهرت وتجلت بتجليه ، وبما يظهر من الضوء والنور فيه.
وتأويل ( والليل إذا يغشاها (4)) ، فهو إذا غشي الليل الشمس وأتاها ، فوارى بظلمته نورها ، وأخفى بظهوره ظهورها ، ولم تر الشمس ، ولم تنتشر الأنفس (1)، ويسكن في الليل الإنس والوحش وكل طير ، فهدأ من ذلك كله فيه كل صغير أو كبير ، رحمة من الله به لذلك كله ، ومنة من الله من بها عليهم بفضله ، كما قال سبحانه : ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (73)) [القصص : 73].
وتأويل ( والسماء وما بناها (5)) ، فالسماء : هي السماء التي نراها ، ( وما بناها ) فهو : وما هيأها ، من حكمة الله وتدبيره ، ورحمة الله وتقديره.
وتأويل ( والأرض وما طحاها (6)) ، فهو : والأرض وما دحاها ، ودحو الشيء: هو بسطه وتمهيده ، ونشره وتوسيعه وتمديده ، كما قال سبحانه : ( والأرض مددناها ) [الحجر : 19 ، ق : 7] ، وتأويله : بسطناها ومهدناها) (2)، كما قال الله سبحانه : ( ألم نجعل الأرض مهادا (6) والجبال أوتادا (7)) [النبأ : 6 7] ، والممدود إذا أريد مده وامتهاده ، ضرب فيه (3) وفي نواحيه لتمتد أوتاده.
पृष्ठ 118