174

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

प्रकाशक

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

संस्करण

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٣٦ هـ

प्रकाशक स्थान

المملكة العربية السعودية

शैलियों

أَبِي طالِبٍ، ولكِن لم يتمَكَنْ، ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: ٥٦]، وليْسَ معْنَى ذَلِك أنَّنا إِذا قُلْنا: إِنَّ الأَمْر بيَدِ الله ﷿ وَأَنَّه هُو الَّذي يُضِلُّ ويَهْدِي، ليْسَ معْنَى ذَلِك أَلَّا نفْعلَ الأَسْبابَ كَما أنَّ الأَمْر بيَدِ الله في إِيجادِ الأشْيَاء، إِيجادِ الرِّزْقِ وإِيجادِ الوَلَدِ، وَدَفْع الضَّرر، بل نفْعَلُ الأَسْبابَ، ونَقولُ: الهدايَةُ بِيَدِ الله، والإِضلالُ بِيَدِ الله، لكِن لكُلٍّ منْهُما سبَبٌ مِن جُمْلَة أسْبَابِ التَّبْديلِ.
ومِن جُملَةِ أسْبَابِ التَّبدِيل مَا ذَكرَهُ الرَّسولُ ﵊ في قولِه: "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِه أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ" (^١)، وذِكْرُ الأبوَيْن ليْس عَلَى سبيلِ الحصْر، وإِنَّما هُو عَلَى سبيلِ التَّنْظيرِ والتَّمْثيلِ، يعْني أنَّ مَن يتَّصِلُ بِهَذا الإِنْسانِ يجْعَلُه يهودِيًّا أو نصْرَانِيًّا، وكَمْ مِن إِنْسَانٍ تنَصَّر لَا عَنْ طَرِيق الأَبوين، ولكِن عَن طَريقِ الجُلَساءِ والرُّفقاءِ ومن ثمَّ حذر النّبيّ ﵊ مِن جَلِيسِ السُّوءِ ورَغَّب في الجلِيس الصَّالِح، وقَال: "مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الكِير، فَحَامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً" (^٢).
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما معْنَى النَّفْيِ في قوْلِه تَعالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ﴾؟ [النساء: ٩٢]، (مَا كَان لمُؤْمِنٍ)، هَذِهِ بمَعْنى أنَّه ممتَنِعٌ غايَةَ الامْتِناع؛ لأَنَّ (مَا كَانَ) (ومَا ينْبَغِي) ومَا أشْبَهَ ذَلِك في القُرآنِ، تأْتِي بمَعْنى امتَنَع غايَةَ الامْتِناعِ، وأيْضًا مثْل قوْلِه تَعالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ﴾ [التوبة: ١١٥].

(^١) تقدم قريبًا.
(^٢) أخرجه البخاري: كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، رقم (٥٥٣٤)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء، رقم (٢٦٢٨).

1 / 180