وما كل ما املت عيون الظبا يروى
مكاشفة اخرى
[باطن الغضب]
وكل صفة إلهية واسم رباني - كما ان لها مظاهر ولوازم ايجادية - فلها أيضا غايات وحكم مترتبة عليها، وثمرات أخروية تنبعث عنها، فنقول: حكمة الغضب وباطنه الذي ينسحب عليه حكم الرحمة العامة، وتظهر منه الغاية الوجودية في المغضوب عليهم كما قال
باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب
[الحديد:13] أمور ثلاثة: وقاية وتطير وتكميل.
اما النوع الأول: هو الوقاية، فكصاحب الآكلة إذا ظهرت في عضو، وقدر أن يكون الطبيب والده أو صديقه، فإنه مع فرط محبته يبادر لقطع العضو المعتل، لما لم يكن فيه قابلية الصلاح والمعالجة، فستراه يباشر الايذاء الظاهر، وهو شريك المتأذي، ولا مندوحة، لتعذر الجمع بين العافية وترك القطع، لما لم يساعد استعداد العضو على ذلك، وكذا في يد من لسعته الحية، والمعاصي بمنزلة الآلام والآفات الحاصلة لباطن الإنسان من لذع حية الهوى وعقارب الشهوات الكامنة، التي ستظهر بصورها الخاصة في نشأة القبر والبرزخ وغيرها، فافهم ذلك، وتذكر: " ما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مسإته ولا بد له من ذلك " والوالد يظهر الغضب لولده رعاية لمصلحة، وهو في ذاته غير غاضب، وإنما يظن الولد والده مغضبا لما يشاهد من الآثار الدالة على الغضب عادة، والأمر بخلافه في نفس الأمر، وإنما ذلك لقصور نظر الولد، قال الله تعالى:
واتقوا النار التي أعدت للكافرين
[آل عمران:131].
فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة
अज्ञात पृष्ठ