136

ورابعها: إنها لو كانت أعلاما للسور، لوجب أن يعلم ذلك بالتواتر، لأن التسمية على هذا النحو ليس من دأب العرب، فتتوفر الدواعي على نقلها فوجب اشتهارها بها لا بسائر الأسماء، والواقع خلاف ذلك.

وخامسها: إن السور الكثيرة اتفقت في الم، حم، فالاشتباه حاصل، والمقصود من العلم إزالة الاشتباه، والمعارضة بتسمية كثيرين باسم محمد، مدفوعة بالفرق بين القبيلين، فإن (الم) لا يفيد معنى آخر على ما فرضتم، فلو جعل علما لم يكن فيه فائدة، بخلاف الأعلام المشتركة، فإن التسمية بها قد تتضمن فوائد اخرى غير الامتياز، كالتبرك ونحوه.

وسادسها: إنه لو كان كذلك، لوجب أن لا تخلو سورة من القرآن من اسم على هذا الوجه، وليس كذلك.

وقد يقال في الجواب:

أما عن الأول: فبأن هذه الألفاظ لم تعهد مزيدة للتنبيه، والدلالة على انقطاع كلام واستيناف آخر أمر لازم لها ولغيرها، من حيث إنها فواتح السور، ولا يقتضي ذلك أن " يكون لها معنى في حيزها ولم يستعمل للاختصار من كلمات معينة. أما الشعر فشاذ. وأما قول ابن عباس فتنبيه على أن الحروف منبع الأسماء ومبادئ الخطاب وتمثيل بأمثلة حسنة، ألا ترى أنه عد كل حرف من كلمات متباينة لا تفسير ولا تخصيص بهذه المعاني دون غيرها، إذ لا مخصص لفظا ومعنى، ولا بحساب الجمل فيلحق بالمعربات.

والحديث الذي نقله أبو العالية لا دلالة فيه. لجواز أن تبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعجبا من جهلهم.

وجعلها مقسما به، وإن كان غير ممتنع، لكنه يحوج الى إضمار أشياء لا دليل عليها.

وأما الحمل على شيء مما ذكره المفسرون، فغير لازم، لأنهم ذكروا وجوها مختلفة وليست دلالة هذه الألفاظ على بعض ما ذكروه أولى من دلالتها على غيره، فإما أن يحمل على الكل وهو متعذر للاجماع المركب، أو لا يحمل على شيء منها وهو الباقي.

وأما عن الثاني: فبأن التسمية بثلاثة أسماء إنما يمتنع إذا ركبت وجعلت إسما واحدا على طريق " بعلبك " ، فأما إذا نثرت نثر أسماء العدد، فذلك جايز، فإن سيبويه قد نص على جواز التسمية بالجملة، والبيت من الشعر، وطائفة من أسماء حروف المعجم.

وأما عن الثالث: فبأن الاسم لفظ دال على أمر مستقل بنفسه، غير مقترن الدلالة بهيئته على زمان، ولفظ الإسم - كلفظ زيد مثلا - كذلك، فيكون الاسم إسما لنفسه، وإذا جاز ذلك فلم لا يجوز أن يكون جزء الشيء إسما له.

अज्ञात पृष्ठ