[طه: 9] فبكى النجاشي وكذلك فعل قومه الذين قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين قرأ عليهم سورة يس فبكوا، ومعنى { تفيض من الدمع } تمتلئ من الدمع حتى تفيض { ربنا آمنا } والمراد به إنشاء الايمان والدخول فيه { فاكتبنا مع الشاهدين } أي مع أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين هم الشهداء على سائر الأمم يوم القيامة بقوله:
لتكونوا شهداء على الناس
[البقرة: 143] وإنما قالوا ذلك لأنهم وجدوا ذكرهم في الانجيل { وما لنا لا نؤمن بالله } إنكار واستبعاد لابتغاء الايمان مع قيام موجبه وهو في الطمع إنعام الله تعالى عليهم بصحبة { الصالحين } وقيل: لما دخلوا إلى قومهم لاموهم فأجابوهم بذلك وأرادوا { وما لنا لا نؤمن بالله } وحده لأنهم كانوا مثلثين وذلك ليس بالايمان بالله { يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم }
" الآية نزلت في جماعة اجتمعوا في دار عثمان بن مظعون منهم علي (عليه السلام) وابن مسعود وأبي ذر وسلمان والمقداد وسالم وأبي بكر وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وصف القيامة لأصحابه يوما فبالغ في الانذار فقال: نقوم الليل ونصوم النهار ولا نأكل اللحم ولا ننام ولا نقرب النساء والطيب ونلبس المسوح ونسيح في الأرض ويجبوا مذاكيرهم، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " إني لم أؤمر بذلك فصوموا وافطروا وقوموا وناموا فإني أصوم وأقوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني "
فنزلت الآية، وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأكل لحم الدجاج وكان يعجبه الحلوى والعسل، ومعنى { لا تحرموا } لا تمنعوها أنفسكم كمنع التحريم ولا تقولوا حرمناها على أنفسنا ولا تعتدوا حدود { ما أحل الله لكم } إلى ما حرم عليكم أو جعل تحريم الطيبات اعتداء أو أراد { ولا تعتدوا } بذلك، قوله تعالى: { وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا } أي من الطيبات التي تسمى رزقا حلالا واتقوا الله تأكيدا للوصية بما أمر الله به، قال ابن عباس: لما نزل { لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } إلى آخر الآيتين، فقالوا: يا رسول الله كيف نعمل بايماننا التي حلفنا فأنزل الله تعالى قوله: { لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم } وعن مجاهد هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك وليس كما ظن وهو قول أبي حنيفة والهادي، وعن عائشة أنه قول الرجل لا والله بلى والله، وهو مذهب الشافعي، واللغو في اليمين الساقط الذي لا يتعلق به حكم قوله: { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان } أي بتعقيدكم الايمان وهو توكيدها بالقصد والنية، والمعنى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم إذا حنثتم { فكفارته } أي فكته، والكفارة الفعلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة، قوله: { من أوسط ما تطعمون أهليكم } أي من أقصده لأن من يسرف في طعام أهله ومنهم من قتر وهو عند أبي حنيفة نصف صاع من بر أو صاع من غيره لكل مسكين أو يغديهم ويعشيهم، وعند الشافعي مد لكل مسكين، قوله: { أو كسوتهم } يعني ما يغطي العورة وعن ابن عباس: كانت العباءة تجزئ يومئذ، وعن مجاهد: ثوب جامع، وعن الحسن: ثوبان أبيضان، وقيل: أراد قميصا أو رداء أو كساء، قوله: { أو تحرير رقبة } شرط الشافعي الايمان قياسا على كفارة القتل وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد جوزوا تحرير الرقبة الكافرة في كل كفارة سوى القتل، قوله: { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } متتابعات { واحفظوا ايمانكم } فبروا ولا تحنثوا، أراد الحنث في الإيمان التي الحنث فيها معصية لأن الايمان اسم جنس يجوز إطلاقه على بعض الجنس، وقيل: احفظوها كيف حلفتم بها ولا تنسوها تهاونا بها { كذلك يبين الله لكم آياته } أعلام شرائعه وأحكامه { لعلكم تشكرون } نعمته.
[5.90-93]
قوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر } قيل: لما نزل قوله تعالى:
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
[النساء: 43] قال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزل قوله تعالى: { إنما الخمر والميسر } الآية، والخمر أصله الستر يقال: خمرت الإناء إذا غطيته ومنه سمي الخمار لأنه يغطي الرأس، والميسر القمار، وكانوا يصيبون في القمار الأموال العظيمة من غير كد ولا نصب { والأنصاب } حجارة ينصبونها للعبادة { والأزلام } السهام { رجس من عمل الشيطان } الآية، قال جار الله: أكد تحريم الخمر والميسر وجوها من التأكيد منها: أنه جعله رجسا كما قال:
فاجتنبوا الرجس من الأوثان
अज्ञात पृष्ठ