206

तफसीर

تفسير الأعقم

शैलियों

[26 - سورة الشعراء]

[26.1-10]

{ طسم } اسم للسورة، وقيل: من أسماء القرآن، وقيل: هو من أسماء الله { تلك } ، قيل: هذه السورة، وقيل: هذه الآيات { آيات الكتاب المبين } يعني بين الحق من الباطل { لعلك باخع نفسك } قاتل نفسك يا محمد { ألا يكونوا مؤمنين } يعني ليس عليك إلا تبليغ الرسالة، قوله تعالى: { إن نشأ ننزل عليهم من السماء } آية ملجئه إلى الإيمان قسرا { فظلت أعناقهم لها خاضعين } ، قيل: جماعاتهم، وقيل: نساؤهم، وقيل: ساداتهم، قيل: إنما خص العنف بالذكر لأن الخضوع والكبر ينسبان إليه، والمعنى لو شئنا لأجبرناهم على الإيمان ولكن يزول التكليف وإنما أمرناهم بالإيمان مختارين وأعطيناهم القدرة والاله فإن لم يؤمنوا فلا يهمنك أمرهم { فقد كذبوا بذلك فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون } ثم بين لهم من دلائل التوحيد فقال سبحانه: { أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج } يعني كل لون وصنف كريم، قيل: حسن، وقيل: ما عدا الإنس والانعام { إن في ذلك لآية } حجة على أنه قادر، عالم، حي، قديم { وما كان أكثرهم مؤمنين } لأنهم لم يتفكروا في ذلك واتبعوا التقليد وآثروا الحياة الدنيا { وإن ربك لهو العزيز } القادر على كل شيء من أخذهم والانتصاف منهم { الرحيم } فلا يعاجلهم ويغفر لهم، ثم ابتدأ بذكر قصة موسى (عليه السلام) تسلية له في تكذيب قومه، وإنما كررت قصة موسى في القرآن لأن اليهود كانوا حول المدينة، وكثيرا ما كانوا يدخلون على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يجادلونه فقال سبحانه: { وإذ نادى ربك موسى } أي دعا الله وذلك حين أتى الطور لما رأى نارا في تلك الليلة التي كان انصرف من مدين، وقوله: { أن ائت القوم الظالمين } يعني ظلموا أنفسهم بالكفر.

[26.11-31]

{ قوم فرعون ألا يتقون } ، قيل: معناه هل اتقوا الكفر والمعاصي { قال } موسى { رب إني أخاف أن يكذبون } { ويضيق صدري } بتكذيبهم { ولا ينطلق لساني } للعقدة التي فيه { فأرسل إلى هارون } أرسل إليه جبريل واجعله نبيا وازرني به واشدد به عضدي { ولهم علي ذنب } أراد بالذنب قتله القبطي { فأخاف أن يقتلون } { قال } ، الله تعالى: لا يكون كما ظننت { فاذهبا } يعني موسى وهارون { بآياتنا إنا معكم مستمعون } سماع من يعينك ويحفظ { فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين } { أن أرسل معنا بني إسرائيل } ولا تعذبهم ولا تستعبدهم، وروي أنه استعبدهم أربعمائة سنة، وروي أنهما انطلقا إلى باب فرعون وكان بفلسطين فلم يؤذن لهما سنة حتى قال البواب: أن ها هنا إنسانا يزعم أنه رسول الله، فقال: ائذن لهما لعلنا نضحك منه { قال ألم نربك فينا وليدا } يعني قال ذلك على وجه الاستفهام { ألم نربك فينا وليدا } { ولبثت فينا من عمرك سنين } قال ذلك إظهارا لنعمته عليه، وقيل: قالوا إنكارا لرسالته، وروي أنه لبث فيهم ثلاثون سنة { وفعلت فعلتك التي فعلت } يعني قتل القبطي { وأنت من الكافرين } بالدين، وقيل: من الكافرين لنعمتي { قال فعلتها إذا وأنا من الضالين } من الوحي والشرع، وروي أنه قتل القبطي وهو ابن اثني عشر سنة، وقرأ ابن مسعود (رضي الله عنه) من الجاهلين { ففرت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين } أي من جملة الأنبياء { وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل } والمعنى تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها علي { قال فرعون وما رب العالمين } ، قيل: كان عارفا بالله أنه الخالق وإنما أراد تلبيسا على العوام، وقيل: كان منكرا لذلك { قال } موسى (عليه السلام): { رب السماوات والأرض } أي خالقهما { وما بينهما } من الخلق { إن كنتم موقنين } ، قيل: كانوا عارفين معاندين، وقيل: إن كنتم مؤمنين أنه لا بد لهما من محدث وعلمتم أنكم لم تحدثوها { قال } فرعون { لمن حوله } من أشراف قومه، قيل: كانوا خمسمائة رجل { ألا تستمعون } لما يقول تعجيبا لهم من قول موسى { قال } موسى (عليه السلام) { ربكم ورب آبائكم الأولين } يعني خالق الجميع، { قال } فرعون { إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } ، سماه رسولا استهزاء ووصفوه بالجنون، فزاد موسى بالبينات { قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون } يعني إن كنتم عقلا فتدبروا لتعرفوا، وقيل: إن كنتم تعقلون كلامي { قال } فرعون { لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين } فأجاب موسى { أولو جئتك بشيء مبين } بمعجزة تبين صدق قولي { قال فأت به إن كنت من الصادقين } يعني صادقا في قولك، قيل: قاله سخرية، وقيل: قاله استهزاء.

[26.32-51]

قوله تعالى: { فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } حية عظيمة، قاله جار الله: والذي قاله الحاكم: أنها انقلبت حية ارتفعت في السماء قدر ميل ثم انحطت مقبلة لفرعون وجعلت تقول: يا موسى مرني بما شئت، ويقول فرعون: أسألك بالذي أرسلك إلا أخذتها، فأخذها فعادت عصا كما كانت، فقال فرعون: هل غيرها، فنزع يده قيل: أخرجها من جيبه، وقيل: من اللباس الذي عليه { فإذا هي بيضاء للناظرين } ، قيل: كانت بيضاء نورها كالشمس في إشراقها، فلما رأى مرة على أشراف الناس الذي في المجلس { قال للملأ حوله إن هذا } يعني موسى { لساحر عليم } بالسحر { يريد أن يخرجكم من أرضكم } ويأخذ ملككم، وقيل: يخرج بني إسرائيل قهرا وهم عبيدكم بسحره، قيل: يوقع العداوة بينكم فيحارب بعضكم بعضا، وقيل: بحيلته { فماذا تأمرون } من المؤامرة وهي المشاورة { قالوا أرجه وأخاه } أرجه بالهمز والتخفيف وهما لغتان والمعنى إرجه ومناظرته لوقت اجتماع السحرة، وقيل: احبسه وأخاه { وابعث في المدائن حاشرين } خائفين { يأتوك بكل ساحر عليم } ، قيل: اجتمع ثمانون ألفا، وقيل: اثني عشر ألفا، قوله تعالى: { فجمع السحرة لميقات } أي لوقت { معلوم } وهو يوم الزينة، وقيل: كان اجتماعهم بالاسكندرية { وقيل للناس هل أنتم مجتمعون } لننظر ما يفعله الفريقان ولمن تكون الغلبة { لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين } لموسى، قيل: أرادوا نتبع السحرة الذي جاء به فرعون، وقيل: أرادوا بالسحرة موسى وهارون ومن معهما، وإنما قالوه استهزاء { فلما جاء السحرة } ، قالوا لفرعون: { أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين } فأجابهم فرعون { قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين } يعني زيادة تقريب، ثم بين تعالى ما جرى بينهم عند الوعيد فقال سبحانه: { قال لهم موسى } وفي الكلام حذف كأنه قال: فلما اجتمعوا قال لهم موسى: { ألقوا ما أنتم ملقون } { فألقوا حبالهم وعصيهم } ، وقيل: صيروها بألوان والزئبق في وسطها يوهمون أنها حيات وقد وكنوا على سحرهم الذي قدروا أنهم يغلبون به موسى { وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون } فلما رأى موسى ذلك ألقى عصاه فصارت ثعبان وفتح فاه { فإذا هي تلقف ما يأفكون } { فألقي السحرة ساجدين } سجدوا خاضعين، ومتى قيل: ما الذي ألقاهم ساجدين؟ قيل: الحق الذي عرفوا فرأوا الحجة الذي بهرتهم { قالوا آمنا برب العالمين } { رب موسى وهارون } وأضافوا اليهما لأنهما دعوا إليه وأخلصا له العبادة والناس يعتقدون ربوبيته، فعند ذلك قال فرعون: { آمنتم } له يعني لموسى، ويحتمل الله تعالى { قبل أن آذن لكم إنه } يعني موسى { لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون } تهديدا لهم { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف } يعني اليد اليمنى والرجل اليسرى { ولأصلبنكم أجمعين } { قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون } { إنا نطمع } نرجو { أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين } بآيات موسى.

[26.52-68]

{ وأوحينا إلى موسى } ، قيل: أمرنا { أن أسر بعبادي إنكم متبعون } يتبعكم فرعون وجنوده { فأرسل فرعون في المدائن حاشرين } ، قيل: أرسل فرعون في أثره ألف ألف وخمس مائة ملك مع كل ملك ألف، وخرج فرعون في جمع عظيم وكان مقدمته سبعمائة ألف كل رجل على حصان وعلى رأسه بيضة، وعن ابن عباس: خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث، فلذلك استقل قوم موسى وكانوا ستمائة الف وسبعين ألفا وسماهم شرذمة، والشرذمة الطائفة القليلة { وإنهم لنا لغائظون } يعني يقولون ما يغيظنا، وهو قولهم أن لفرعون يجب عليه أن نعبده { وإنا لجميع حاذرون } أي حذرنا بالاستعداد بالسلاح والتحرز { فأخرجناهم } يعني فرعون وجنوده { من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم } مجلس كريم حسن، وقيل: هو مجالس الملوك والرؤساء من قومه، وقيل: المنابر { كذلك وأورثناها بني اسرائيل } لأنهم ورثوا مصرا بعد إهلاك فرعون { فاتبعوهم مشرقين } يعني لحقوهم مصبحين، وقيل: في وقت شروق الشمس أو ظهورها { فلما تراءا الجمعان } الفئتان، تقابلا فرأى بعضهم بعضا { قال أصحاب موسى إنا لمدركون } أي لحقنا فرعون وجنوده فأجابهم موسى بما قوى به قلوبهم { قال كلا } أي لا يكون ذلك { إن معي ربي سيهدين } يعني الله تعالى سيهدين سيدلني على طريق النجاة { فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق } قطعة من الماء { كالطود العظيم } أي الجبل العظيم { وأزلفنا ثم } أي قربنا إلى البحر فرعون وقومه، وقرئ فأزلقنا بالقاف شاذ، وقيل: صار فيه اثني عشر طريقا لكل سبط طريق، فرطت بنو إسرائيل وبقيت الطريق كذلك، فلما قرب فرعون وقومه قحموه، ومتى قيل: كيف قحموا البحر مع عظيم الخطر؟ قيل: كان فرعون على حصان وجبريل على رمكه تقدمه واقتحم به البحر، وقيل: طردتهم الملائكة { وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين } يعني قوم فرعون { إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين } قوله تعالى: { وإن ربك لهو العزيز الرحيم } يعني القادر على ما يشاء.

[26.69-93]

अज्ञात पृष्ठ