205

तफसीर

تفسير الأعقم

शैलियों

[25.58-64]

{ وتوكل على الحي الذي لا يموت } أمره بأن يتق الله ويسند أمره إليه في استكفاء شرورهم مع التمسك بقاعدة التوكل وأساس المنجا وهو طاعة الله وعبادته وتنزيهه وتحميده، وعرفه بأن الحي الذي لا يموت حقيق بأن يتوكل عليه ولا يتوكل على غيره من الأحياء الذي يموتون، وعن بعض السلف أنه قرأها فقال: لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق { وكفى به بذنوب عباده خبيرا } أي عليما فيجازيه { الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام } يعني في مدة مقدارها هذه المدة لأنه لم يكن حينئذ ليل ولا نهار، وفي ستة أيام من أيام الآخرة وكل يوم ألف سنة والظاهر أنها من أيام الدنيا، وعن مجاهد: أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة { ثم استوى على العرش الرحمان } أي قدر على خلقه، وقيل: العرش الملك، أي هو القادر على ملكه يتصرف كيف يشاء { فاسأل به خبيرا } أي عليما، قيل: الخبير هو الله، وقيل: جبريل (عليه السلام)، وقيل: لا تطلب شيئا إلا منه ولا تتوكل إلا عليه، واختلفوا في السؤال قيل: اسأل على صفته، وقيل: اسأل عن الإسلام يخبرك أنه الحق، وقيل: سل العقلاء يخبروك أن المستحق بأن تتوكل عليه هو الحي الذي لا يموت، وقيل: سل هل أحد أعلم من الله بالأشياء { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان } ، قيل: الرحمان اسم من أسماء الله قد كرر في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه، فقيل: فاسأل بهذا الأمم من يخبرك من أهل الكتاب حتى تعرف من ينكره، ومن ثم كانوا يقولون ما نعرف الرحمان إلا الذي باليمامة يعنون مسيلمة، وقيل: أنهم عرفوا الله وتركوا السجود لأن فيه اتباع أمره، لذلك قالوا: { انسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا } في الدين { تبارك الذي جعل في السماء بروجا } أي جل ثناؤه ولم يزل ولا يزال، يعني: خلق في السماء بروجا منازل البروج الظاهرة والبروج اثني عشر: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والدلو والحوت والميزان والعقرب والقوس والجدي، قوله تعالى: { وجعل فيها سراجا } وهي الشمس والقمر والكواكب الكبار معها { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة } يعني أحدهما يجيء خلف الآخر معتقبان في السير وفي الضياء وفي الظلام والزيادة والنقصان { لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا } لمن أراد أن يستدل على توحيد الله وأراد شكور نعمته، وقيل: أراد أن يذكر أنهما محدثان { وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا } أي يمشون بالسكينة والوقار لا أشر ولا تكبر، وقيل: أصحاب عفة ووقار، وقيل: متواضعين لا يستكبرون { وإذا خاطبهم الجاهلون } بمقالات سيه صانوا أنفسهم و { قالوا سلاما } ، قيل: سداد من القول يسلم معه دينهم، وقيل: سلام توديع لا سلام تحية، وقيل: يقولون للسفهاء نسالمكم ولا نخالطكم، وعن أبي العالية: نسختها آية القتال، ولا حاجة إلى ذلك لأن الإغضاء عن السفيه وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة وأسلم للعرض { والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما } يعني يصلون، قال ابن عباس: من صلى بالليل ركعتين أو أكثر بات لله ساجدا، وقيل: هما الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء، والظاهر أنه وصفهم بإحياء الليل أو أكثره.

[25.65-77]

{ والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما } هلاكا وخسرانا، ومنه الغريم لا لحاجة ولوامة { إنها ساءت مستقرا ومقاما } أي ساءت مكانا لمن جعل ذلك له قرارا ومكانا { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا } ، قيل: الإسراف الإنفاق في معصية الله قل أم كثر، وقيل: أنه وصفهم بالقصد الذي هو بين العلو والتقصير، وبمثله وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط

[الإسراء: 29] وإنما أمرهم بمحادرة الحد في النفقة، والإقتار التقصير مما لا بد منه، وقيل: هم أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا لا يأكلون للتنعم ولا يلبسون للجمال، ولكن من الطعام ما يسد جوعهم ومن الثياب ما يستر عورتهم { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله } الآية، قوله: { أثاما } أي عقوبة، وقيل: الأثام: اسم من أسماء جهنم { يضاعف له العذاب يوم القيامة } يعني تستحق كل معصية عقابا { ويخلد فيه مهانا } أي يدوم في العذاب ذليلا { إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا } هو أداء الواجبات واجتناب الكبائر { فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات } يعني يمحو السيئات بالتوبة ويكتب ثواب التوبة بدلها { وكان الله غفورا رحيما } { ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا } أي يرجع إلى ولاية الله رجوعا حسنا، ومتى قيل: لم كرر التوبة قالوا: الأول من تلك المذكورة، والثاني عام، وقيل: في الأول أنه بدل السيئات الحسنات، وفي الثاني قبول التوبة واستدعاء باللطف { والذين لا يشهدون الزور } ، قيل: الشرك، وقيل: شهادة الزور، وقيل: مجالس الباطل واللهو واللعب { وإذا مروا باللغو مروا كراما } يعني وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به مروا معرضين عنهم مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم والخوض معهم كقوله:

وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين

[القصص: 55]، وقيل: إذا سمعوا من الكفار الشتم والأذى أعرضوا عنه { والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها } لم يسقطوا عليها { صما وعميانا } يعني كأنهم صم لا يسمعون وعمي لا يبصرون لكن يسمعوا ويتدبروا ويتفقهوا، يعني ليسوا كالساقط في مكان لا يبالي بما سمع ويرى بل يسمعون، قال جار الله: يعني لم يخروا عليها ليس نفي الخرور وإنما هو بيان له ونفي الصم والعمى، والمعنى أنهم إذا ذكروا بها أكبوا عليها حرصا استماعها سامعون بأذان واعية، مبصرون بأعين راعية، لا كالذين يذكرون بها فتراهم مكبين مقبلين مظهرين الحرص الشديد على استماعها وهم كالصم العمي حيث لا يعونها ويبصرون ما فيها كالمنافقين وأشباههم { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } أئمة يقتدى بنا، وقيل: هو من المقلوب أي اجعل المتقين لنا إماما، ومعنى قرة أعين أي مؤمنين فتقر أعينهم { أولئك } من تقدم ذكرهم { يجزون الغرفة } الدرجة العالية في الجنة { بما صبروا } في طاعته وعن معاصيه { ويلقون فيها تحية وسلاما } يعني أن الملائكة يحيونهم ويسلموا عليهم أي يحيي بعضهم بعضا { خالدين فيها } دائمين فيها { حسنت مستقرا ومقاما } أي موضع قرار وإقامة { قل } يا محمد { ما يعبؤ بكم ربي } ، قيل: ما يصنع بكم بعذابكم وقد خلقتكم وما لي اليكم حاجة ولا منفعة { لولا دعاؤكم } لم يخلقكم، وقيل: دعاؤكم عبادتكم، وقيل: لولا عبادتكم إياه ودعاؤه إياكم إياها لما خلقتكم لأنه خلقكم للطاعة، قال الحاكم: وهو أحسن ما قيل: وروي نحوه عن ابن عباس، ونظيره

وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

[الذاريات: 56] { فقد كذبتم } أيها الكافرون { فسوف يكون لزاما } ، قيل: عذابا دائما في الآخرة، وقيل: قتلا وأسرا يوم بدر، وقيل: عند الموت.

अज्ञात पृष्ठ