202

तफसीर

تفسير الأعقم

शैलियों

[25.1-3]

{ تبارك } ، قيل: معناه الذي منه البركة، وقيل: تعظم، وقيل: ثبت ودام لم يزل ولا يزول، وقيل: جل { الذي أنزل الفرقان } يعني الفرقان الذي يفرق بين الحق والباطل { على عبده } يعني محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) { ليكون للعالمين } المراد المكلفين { نذيرا } ، قيل: هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نذيرا للخلق، والنذير المخوف بالعقاب لمن عصى الله، والأولى أنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لصحة الإنذار إليه { الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا } ومن كان بهذه الصفة لا يجوز عليه اتخاذ الولد { ولم يكن له شريك في الملك } يزاحمه ويمنعه من مراده { وخلق كل شيء فقدره تقديرا } والمعنى أنه أحدث كل شيء إحداثا مراعى فيه التقدير والتسوية فقدره وهيأه لما يصلح له، مثاله خلق الإنسان على هذا الشكل المقدر المستوي، وكذلك كل حيوان وجماد { واتخذوا من دونه آلهة } يعني عبدوا الأوثان، والمعنى أنهم آثروا على عبادة الله سبحانه عبادة الالهة { لا يخلقون شيئا وهم يخلقون } لا يقدرون على شيء من أفعاله ولا من أفعال العباد، وذلك توبيخ لهم في ترك عبادة الخالق المقدر القديم { ولا يملكون لهم ضرا ولا نفعا } أي لا يستطيعون لأنفسهم دفع ضر عنها وجلب نفع إليها، وإذا عجزوا عن دفع الضر وجلب النفع الذي يقدر عليها العباد كانوا عن الموت والحياة والنشور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى أعجز، يعني أنها لا تملك شيئا في الدنيا ولا في الآخرة، فإذا لم تملك لنفسها فلا تملك لغيرها، ومن كان في هذه الصفة لا يستحق العبادة ولا يكون إلها.

[25.4-14]

{ وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك } يعني القرآن { إلا إفك } كذب { افتراه } ، والآية نزلت في الحارث، وقيل: في أبي جهل { وأعانه عليه قوم آخرون } ، قيل: اليهود، وقيل: عداس مولى حويطب وأبو فكيهة، وقيل: الذي قال ذلك النضر بن الحارث { فقد جاؤوا ظلما وزورا } كذبا { وقالوا أساطير الأولين } ما سطره المتقدمون { اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } ، قيل: صباحا ومساءا، ثم بين تعالى الرد عليهم في قولهم في القرآن ما تقدم فقال سبحانه: { قل } يا محمد { أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض } أي الغيب { إنه كان غفورا رحيما } { وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } يلتمس المعاش كما نفعله نحن، وقيل: يأكل ويمشي كما نفعل وهو بشر مثلنا { لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا } أي يصدقه ويدعو معه الحق { أو يلقى إليه كنز } ينفعه فلا يحتاج إلى طلب المعاش { أو تكون له جنة } بستان { يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا } لأنفسهم حيث أوبقوها وللرسول حيث كذبوه { إن تتبعون إلا رجلا مسحورا } قاله الرؤساء للأتباع، قوله تعالى: { انظر } يا محمد { كيف ضربوا لك الأمثال } كيف شبهوك ومثلوك فيقولون ما قدمنا فضلوا عن الهدى { فلا يستطيعون سبيلا } إلى الهدى ومخرجا { تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري } خير مما قالوا، يعني مما سألوا من الكنوز والجنان والأنهار { جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا } أي بيوتا مشيدة، وقيل: منازلا رفيعة، وروي أنها لما نزلت هذه الآية أوحي إليه ان شئت أعطيتك خزائن الأرض، فاختار الدار الآخرة، ثم بين تعالى قولهم في الساعة وما أعد لهم بعد بيان قولهم في التوحيد والنبوات فقال سبحانه: { بل كذبوا بالساعة } يعني القيامة والبعث { واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا } ، قيل: نارا ملتهبة، قال أبو علي (رحمه الله): يحتمل نارا يعذبون بها في قبورهم، ويحتمل إذا كان يوم القيامة اعتدنا لهم سعيرا { إذا رأتهم } ، قيل: ظهرت لهم: { من مكان بعيد } من مسيرة خمس مائة عام، وقيل: انها تحت الأرض فتظهر على وجه الأرض { سمعوا لها } أي للنار { تغيظا وزفيرا } غليانا وزفيرا، ويجوز أن يراد إذا رأتهم زبانيتها تغيظوا وزفروا غيظا على الكفار { وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا } الآية يتراضون فيه، قال جار الله: ولقد جمع الله على أهل النار أنواع التضييق حيث ألقاهم في مكان ضيق يتراصون فيه تراصا، كما روي عن ابن عباس في تفسيره أنه يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح، وهم مع ذلك الضيق مسلسلون مقرنون في السلاسل قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الجوامع، وقيل: يقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة وفي أرجلهم الأصفاد، والثبور الهلاك، ودعاؤهم أن يقولوا: واثبوراه: أي يقولوا: يا ثبورنا فهذا حسبك وزمانك { لا تدعوا } أي يقال لهم ذلك، أو هم أحقاء بأن يقال لهم وإن لم يكن ثمة قول { وادعوا ثبورا كثيرا } ، قيل: تجيبهم الملائكة: أنكم وقعتم فيها ليس ثبوركم واحدا إنما هو ثبورا كثيرا، اما لأن العذاب أنواع وألوان وكل نوع منها ثبورا لشدته وفظاعته، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرها فلا غاية لهلاكهم.

[25.15-24]

{ قل أذلك خير أم جنة الخلد } ، قال جار الله: الراجع إلى الموصولين محذوف، يعني وعدها المتقون وما يشاؤونه، وإنما قيل: كانت لأن ما وعده الله فهو في تحققه كأنه قد كان، يعني الجنة قد كانت للمتقين جزاء على أعمالهم ومصيرا يصيرون إليها، أو كان مكتوبا في اللوح مصيرهم { لهم فيها ما يشاؤون } من النعيم { خالدين كان على ربك وعدا } أي واجب عليه لما استحقوه بطاعتهم وعدهم الله بذلك في الدنيا إن أطاعوه ولا يجوز عليه الخلف { مسؤولا } يعني لهم أن يسألون ما وعدتهم، وقيل: إنهم سألوه في الدنيا قالوا:

ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك

[آل عمران: 194]، وقيل: واجبا طلبه وقد سأله الملائكة والأنبياء من قولهم:

ربنا وأدخلهم جنات عدن

{ ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله } ، قيل: هم المعبودون من الملائكة والمسيح وعزير، وعن الكلبي: الأصنام ينطقها الله تعالى، ويجوز أن يكون عاما لهم فيقول الله تعالى لهؤلاء المعبودين: { أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } المشركين { أم هم ضلوا السبيل } ، قيل: طريق الجنة والنجاة وطريق الدين { قالوا } يعني المعبودين الملائكة والإنس والأصنام { سبحانك } تنزيها لك عن الشرك { ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء } يعني ليس لنا أن نتولى أعدائك بل أنت ولينا من دونهم { ولكن متعتهم وآباءهم } في الدنيا بالصحة والنعمة { حتى نسوا الذكر } القرآن فلم يعملوا به { وكانوا قوما بورا } أي هلكى، قوله تعالى: { فقد كذبوكم بما تقولون } يعني كذبوكم الملائكة فكذبوكم انهم آلهة، وقيل: كذبكم المشركون أيها المؤمنون بما تقولون من توحيد الله وعدله ونبوة محمد وغيره من الأنبياء { فما تستطيعون صرفا ولا نصرا } يعني لا يستطيعون صرف العذاب ولا نصر أنفسهم من البلاء الذي هم فيه { ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا } أي عذاب جهنم { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } وهذا جواب لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } للعداوة إلى نبيكم، والآية نزلت في أبي جهل بن هشام، والوليد بن عقبة، والعاص، والنضر، وذلك أنهم لما رأوا أبا ذر وابن مسعود وعمار وبلالا وصهيب أسلموا قالوا: لم نسلم فنكون مثل هؤلاء { أتصبرون } والصبر على مشاق الأذى { وكان ربك بصيرا } ، قيل: بأعمال العباد { وقال الذين لا يرجون لقاءنا } ثواب الله على الطاعة، وهذا عبارة على إنكارهم البعث: { لولا أنزل علينا الملائكة } فيخبرونا بأنك صادق { أو نرى ربنا } فيخبرنا بصحة ما جئت به { لقد استكبروا في أنفسهم } أي تعظموا عن قبول الحق واتباع الرسول { وعتوا عتوا كبيرا } ، قيل: عتوا في القول، والعتو شدة الكفر { يوم يرون الملائكة } ، قيل: عند الموت، وقيل: يوم القيامة { لا بشرى يومئذ للمجرمين } يعني لا بشارة لهم بخير { ويقولون حجرا محجورا } ، قيل: تقول لهم الملائكة البشرى حرام عليكم محرم، وقيل: الجنة حرام عليكم لا تحريم بعد { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل } ، قيل: قدمنا عهدنا، وتقديره قصدنا قصد القادم على ما يكرهه، وقيل: الملائكة وقت المحاسبة إذا رأوا أعمالهم ردوها عليهم فجعل قدوم الملائكة قدوما له تفخيما لشأنهم، وقوله { إلى ما عملوا } ، قيل: ما عملوا لا يريدون به وجه الله، وقيل: ما عملوا من أعمال البر، وقيل: ما عملوا من عبادة غير الله وظنوها طاعة { فجعلناه هباء منثورا } ، قيل: الهباء الذي يرى في كوة البيت مع شعاع الشمس كالغبار، وقيل: هو ما سقته الرياح وذرته من التراب، وهذا مثل، يعني يذهب أعمالهم باطلا لا ينتفعون به من حيث عملوا لغير الله منثورا مفرقا.

अज्ञात पृष्ठ