.. قوله تعالى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ ١ ... المراد المقارنة بالفعل، وهي الصلاة جماعة؛ لأن الأمر بالصلاة قد تقدم، فلا بد من فائدة أُخرى. وتخصيص الركوع؛ لأن بإدراكه تدرك الصلاة، فمن أدرك الركعة أدرك السجدة٢.
[قوله تعالى]: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾ ٣ والأماني: التلاوة المجردة٤ أي: إلاَّ تلاوة من غير فهم معناه. وليس هذا كالمؤمن الذي فهم ما فهم من القرآن فعمل به، واشتبه عليه بعضه، فوكل علمه إلى الله، كما أمره النبي ﷺ بقوله: "فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه" ٥ فامتثل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم٦.
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ ٧ أي: صلاتكم إلى بيت المقدس٨
_________
١ سورة البقرة، الآية: ٤٣.
٢ التنبيه على مشكلات الهداية، ص (٢٢٠) تحقيق عبد الحكيم. وانظر المحرر الوجيز (١/ ٢٠٣)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ٣٤٨، ٣٤٩) ففيهما ما ذكر المؤلف من الاحتجاج بالآية على الصلاة جماعة.
٣ سورة البقرة، الآية:٧٨.
٤ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٥٠٤) . وهذا أحد الأقوال، التي قيلت في معنى «أماني» . انظر هذا القول وغيره في تفسير القرآن لأبي الليث (١/١٣١)، وتفسير القرآن للسمعاني (١/٩٩)، ومعالم التنزيل (١/٨٨)، والمحرر الوجيز (١/٢٧١) .
٥ هذا اللفظ أخرجه الإمام أحمد في المسند (٢/١٨١)، والبخاري في خلق أفعال العباد، ص (٤٣)، والبغوي في شرح السنة (١/٢٦٠) كلهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وحكم محققا شرح السنة بأن إسناده حسن. انظر شرح السنة الموضع المتقدم.
٦ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٧٨٥، ٧٨٦) .
٧ سورة البقرة، الآية: ١٤٣.
٨ يشهد لهذا القول بالصحة ما أخرجه الإمام الترمذي، عن ابن عباس ﵄ قال: لما وُجِّه النبي ﷺ إلى الكعبة قالوا: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس، فأنزل الله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ الآية. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. سنن الترمذي الحديث رقم (٢٩٦٤) وقد أخرجه غيره من الأئمة، وكلهم أخرجوه من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس. وإن كان في رواية سماك عن عكرمة شيء، فهناك شواهد للحديث، لا ينزل بمجموعها عن درجة الحسن. وقد قال الإمام ابن القيم: "وفيه قولان يعني في معنى ﴿إِيمَانُكُمْ﴾ أحدهما: ما كان ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس ... والثاني: ما كان ليضيع إيمانكم بالقبلة الأولى، وتصديقكم بأن الله شرعها ورضيها. وأكثر السلف والخلف على القول الأول، وهو مستلزم للقول الآخر". بدائع التفسير (١/٣٤٢) .
120 / 31