तद्खकिरा फखरिया
التذكرة الفخرية
فأعملَ السيفَ حتّى احمرَّ أبيضهُ ... وأنهلَ الرمحَ حتّى اخضرَّ ذابلهُ
وقال:
طلوبٌ لغاياتِ الكرامِ لحوقُها ... ركوبٌ لأعلامِ النّجادِ طلوعُها
إذا عدَّ من آلِ المهلّبِ أسرةً ... معاقلها أسيافُها ودروعُها
رأيتَ العلى منثالةً عن شعابها ... عليهِ ومجموعًا لديهِ جميعُها
هُمامٌ وقى الأعداءَ من سطواتهِ ... تباعدُها من سخطهِ ونزوعُها
فعدَّته أسيافهُ ورماحهُ ... وعدَّتها إذعانها وخضوعُها
وقال:
أغرُّ ما في أناتهُ عجلُ ... يُخشى ولا في عداته مهلُ
صاعقةٌ رعدُ بأسِها قصفٌ ... وعارضٌ صوبُ مُزنهِ هطلُ
وقال:
ملكٌ إصاختهُ لأولِ صارخٍ ... وسجالُ أنعمهِ لأولِ طالبِ
كالغيثِ يلقى الطالبينَ بوابلٍ ... سحٍّ ويلقى الحاسدينَ بحاصبِ
وقال في سيف الدولة:
اللهُ جاركَ ظاعنًا ومُقيمًا ... وضمينُ نصركَ حادثًا وقديما
أنْ تسرِ كانَ لك النجاحُ مُصاحبًا ... أو تثوِ كانَ لك السرورُ نديما
تغشاكَ بارقةُ السحابِ إذا سرتْ ... غيثًا وتلقاكَ الرياحُ نسيما
للهِ همّتكَ التي رجعتْ بها ... هممُ الملوكِ الصاعداتُ هُموما
ورياحكَ اللاتي تهبُّ جنائبًا ... ولربَّما أجريتهنَّ سُموما
وخلالكَ الزُّهرُ التي أنفتْ لها ... قممُ المراتبِ أنْ تكونَ نجوما
ألبستني نعمًا رأيتُ بها الدجى ... صُبحًا وكنتُ أرى الصباحَ بهيما
فعدوتُ يحسدُني الصديقُ وقبلَها ... قد كانَ يلقاني العدوّ رحيما
وقال، وهي من محاسن شعره، يمدحه أيضًا:
فتحٌ أعزَّ به الإسلامَ صاحبهُ ... وردَّ ثاقبَ نورِ الملكِ ثاقبُهُ
سارتْ به البُردُ منشورًا صحائفهُ ... على المنابرِ محمودًا عواقبُهُ
فكلُّ ثغرٍ له ثغرٌ يضاحكهُ ... وكلُّ أرضٍ بها ركبٌ يصاحبُهُ
عادَ الأميرُ به خُضرًا مكارمهُ ... حُمرًا صوارمهُ بيضًا مناقبُهُ
يومٌ من النصرِ مذكورٌ فواضلهُ ... إلى التنادي ومشكورٌ مواهبُهُ
هبَّتْ شمائلهُ من طِيبها أرجًا ... على القلوبِ وضاهتْها جنائبُهُ
سلِ الدمستقَ هل عنَّ الرُّقاد لهُ ... وهل يعنُّ له والرعبُ ناهبُهُ
لمّا تراءى لكَ الجمعُ الذي نزحتْ ... أقطارهُ ونأتْ بُعدًا جوانبُهُ
تركتَهم بين مصبوغٍ ترائبهُ ... من الدماءِ ومخضوبٍ ذوائبُهُ
فحائدٍ وشهابُ الرُّمحِ لاحقهُ ... وهاربٍ وذبابُ السيفِ طالبُهُ
يهوي إليه بمثلِ النجمِ طاعنهُ ... وينتحيه بمثلِ البرقِ ضاربُهُ
يكسوهُ من دمهِ ثوبًا ويسلبهُ ... ثيابهُ فهو كاسيهِ وسالبُهُ
يا ناصرَ المجدِ لمّا عزَّ ناصرهُ ... وخاطبَ الحمدِ لمّا قلَّ خاطبُهُ
حتّامَ سيفكَ لا تُروى مضاربهُ ... من الدماءِ ولا تُقضى مآربُهُ
أنتَ الغمامُ الذي تُخشى صواعقهُ ... إذا تنمَّر أو تُرجى سحائبُهُ
وقال من أخرى يمدح الوزير المهلبي:
ومبتسمٌ والطعنُ يخضبُ رمحهُ ... كأنْ قد رأى منه بنانًا مخضَّبا
رأيناهُ يومَ الجودِ أزهرَ واضحًا ... ويومَ قِراع البيضِ أبيضَ مِقضبا
فخلْناهُ في بذلِ الألوفِ قبيصةً ... وخلناهُ في سل السيوفِ المهلبا
منها يصف الجيش:
ومجرٍ تردُّ الخيلُ رأدَ ضحائهِ ... بإرهاجها قطعًا من الليلِ غيهَبا
كأنَّ سيوفَ الهندِ بينَ رماحهِ ... جداولُ في غابٍ سما وتأشَّبا
تضايقَ حتّى لو جرى الماءُ فوقهُ ... حماهُ ازدحامُ البيضِ أنْ يتسرَّبا
وقفتَ به تُحيي المُغيرة ضاربًا ... بسيفِكَ حتّى ماتَ حدًّا ومضربا
إليكَ ركبتُ فردًا ولم أقُل ... لعاذلَتي ما أحسنَ الليلَ مركبا
ليصدرَ عنكَ الشعرُ مالًا مسوَّمًا ... إذا نحنُ أوردْناهُ درًّا مثقَّبا
يقول فيها:
تركتُ رحابَ الشامِ وهي أنيقةٌ ... تقولُ لطلاّبِ المكارمِ مرحبا
مدبّجةُ الأقطارِ مخضرَّةُ الثرى ... مصقّلةُ الغدرانِ موشيّةُ الرُّبى
أبو فراس التغلبي في سيف الدولة:
وما زلتُ مذْ كنتَ تأتي الجميلَ ... وتحمي الحريمَ وترعى الحسبْ
1 / 100