تمكن من غراته الحب فانتحى ... عليه بأيد أيدات حواشد
إذا خطرات الشوق قلبن قلبه ... شددن بأنفاس شداد المصاعد
يذكره خفض الهوى ونعيمه ... سوالف أيام وليس بعائد
وبلغني أن هذه القصيدة أنشدت عند المأمون فأفرط في استحسانها، ثم أنشد في ذلك المجلس لجماعة من حذاق المحدثين، مثل بشار ومسلم ابن الوليد ونظرائهما، فلم يهش لشيء من ذلك، وفضل عليهم أبا الشيص. وأشعاره ونوادره وملحه كثيرة جدًّا، ولكنا لا نخرج من شرط الكتاب، لئلا يمله القارئ إذا طال عليه الفنّ الواحد، وليحفظ هذه النكت والنوادر والملح، وليستريح من أخبار المتقدمين وأشعارهم فإن هذا شيءٍ قد كثرت رواية الناس له فملوه، وقد قيل: لكل جديد لذة، والذي يستعمل في زماننا إنما هو أشعار المحدثين وأخبارهم، فمن ها هنا أخذنا من كل خبر عينه ومن كل قلادة حبتها.
أخبار والبة بن الحباب
حدَّثني عبد الكريم بن عبد الرحيم الأنباري قال: حدَّثني إسماعيل العمري قال: رأيت الحسن بن هانئ غلامًا مع والبة بن الحباب صغيرًا مليحًا نادرًا، يخدمه ويتصرف في حوائجه الخفاف. ووالبة هو الذي أدب أبا نواس. وحدثني محمد بن الهيثم الموصلي قال: حدَّثني العامري وإبراهيم بن عقيل قالا:
1 / 86