فلما ولى السمح على حيز طرابلس احسن فيهم السيرة ، وعدل في احكامه ، فصلحت أحوالهم فلم يزل مقرا بإمامة عبد الوهاب وناصحا له في رعيته حتى حضرته الوفاة ، وقد كانت عماله على نواحي طرابلس سالكين مسلكه ، في حسن السيرة ، فاجتمع اليه اصحابه فقالوا له : اوصنا وأمرنا بأمرك ، فانا مطيعوك في الحياة وبعد الممات ، فانك لم تال بيننا رشدا جزاك الله عن رعيتك وعن الاسلام خيرا . فقال لهم السمح رحمه الله أوصيكم ونفسى بتقوى الله ، والعمل بما أمركم به ، والانتهاء عما نهاكم عنه ، وطاعة امامكم عبد الوهاب وتأييده ما دام على الحق الذي عليه سلفه ، وجهاد من خالفه ، فبذلك تستقيم احوالكم ، وينتظر شملكم ، ويتم خير دينكم ودنياكم . وتوفي رحمه الله ، فلما توفي عظم مصابه وبلغ في الناس فقده مبلغا عظيما .
وخلف ولدا اسمه ( خلف ) فلشدة محبة الناس في السمح وعظم منزلته فيهم أحسنت العامة الظن ( بخلف ) وأراد من ليست له بصيرة في الدين ولا نظر في العواقب توليته عليهم ، فقال أهل البصائر : لا ينبغي لكم ان تفتاتوا على امامكم في شيء مما قلده الله من أموركم ، وولاه من صالح جمهوركم ، فقال ذوو العقول القاصرة : اما ان فعلنا ذلك رجونا ان يكون وفق ارادة امامنا ، وقال فريق منهم : نوليه على انفسنا ريثما يصل من الامام أمر نقف عنده ، فان اثبته اثبتناه ، وان عزله عزلناه . فأبى ذلك كله أهل الصلاح كابى منيف اسماعيل بن درار الغدامسى وابى الحسن ايوب ، وامثالهما . فغلبت العامة وولوه من غير اذن الامام ، ولا رضى من أهل الصلاح فولوه على انفسهم . وكاتبوا الامام بموت عامله ، واقامتهم ولده مقامه ، على انه ان اجاز اجازوه والا عزلوه . فلما وقف على ما خاطبوه جاوبهم بما نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
पृष्ठ 72