ص _153 (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول). أولئك قوم يتمنون وقوع الخطأ من الناس، حتى إذا زلت أقدامهم وثبوا على المخطئ، وظاهر أمرهم الغضب لحدود الله، أما باطنه فالتنفيس عن رغبات الوحش الكامن فى دمائهم، يريد أن ينبح المارة ويمزق أديمهم. علامة هؤلاء أن يضخموا التوافه ويتاجرون بالخلافات ويتلمسوا للأبرياء العيوب والخلافات عند ذوى الأمزجة المعتدلة والقلوب السليمة لا تثير حقدا. يرى أبو حنيفة أن القراءة وراء الإمام حرام، ويرى الشافعى أن القراءة وراءه واجبة. ومع أن الأمر يتعلق بأهم أركان الدين فما فسق أحدهما الآخر ولا أهاج عليه الدنيا.. لأن كلا الإمامين رجل نظيف الطبع عالى الإيمان. أما حزب الحطيئة المشتغل بالدعوة إلى الله فله مسلك آخر. كتبت مرة أقول: إن وجه المرأة ليس بعورة، وما قلته ليس من عندى، بل هو نقل عن جمهور الأئمة. فإذا الرد السريع يقذفنى به صحافى متدين (!) كأنه رجع صدى. وفيه: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). فعرفت علة هذا الشتم، وهززت رأسى أسفا لأن الذين يمثلون الإسلام فى مستوى سحيق دون ما يزعمون. إنها طبيعة الحطيئة هاجت أصحابها للعن والطعن. وما كان محمد صلى الله عليه وسلم لعانا ولا طعانا، ولا فاحشا، ولا بذيئا. وقرأت مرة عنوانا عن "الشيخ المسعور" وطالعت ما تحته، فإذا هو هجاء مقذع للشيخ "على الغاياتى" المجاهد المسلم الطيب، ولمحت صورة الكاتب من خلال سطوره النابحة وكأنما أفعى على ذنبه، ودلع لسانه، وتهيأ للعض، إنه للأسف- يشتم الرجل باسم الدين. والويل للمسلمين.. يوم يشتغل الحطيئة بالدعوة إلى الله. وقرأت فى إحدى المجلات الدينية (!) بحثا فى جواز الصلاة على الأرض الفضاء، جاءت فيه هذه العبارات النابية ننقلها بنصها: ص _154 "من التنطع الممقوت لله ورسوله أن يخلع الزارع ثوبه ويفرشه على الأرض ليصلى- والأرض أطهر بالشمس والهواء من ثوبه. وكذلك من التنطع الممقوت أن ترى أمامك فراشا نظيفا فتتحرج من الصلاة عليه لأنه فى نظرك الأعمى (!) ورأيك الجاهل (!) يداس بالنعال، فتراه متنجسا. وليست النجاسة فى هذا الفراش. إنما النجاسة والقذارة فى رأسك الجاهل (!) الذى سكن فيه شيطان الجهل بهدى الرسول (!) هذه الأفكار السخيفة المضادة لصريح السنة... ". قلت: ما ذنب القارئ المسكين حتى توجه له هذه الحشود المترادفة من ألفاظ الشتم والتجريح؟ وما النتيجة المحتومة من سوق الآراء العلمية بهذا الأسلوب النابى؟ إن كان القارئ مؤيدا لهذا الرأى فما أغناه عن هذا الخطاب، وإن كان معارضا له فهل هذا طريق إقناعه؟ ألا يستحق المسلم المعارض أن يعامل بالحسنى، كما استحق ذلك أهل الكتاب من اليهود والنصارى فى قوله تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن). أهذه طبيعة الدعوة إلى الله؟ أم هى طبيعة الحطيئة فى السباب والتهجم طفحت- للأسف- على لسان ذلك الداعية المحترف. والغريب أن أصحاب هذه الأساليب رؤساء لجماعات دينية تجاهد لنصرة الإسلام. وتريد لتمسك بيديها مفاتيح الجنة والنار. ص _155
درس لزعمائنا!
قرأت هذا النبأ ثم تساءلت: ترى ماذا كان شعور زعمائنا ومتزعمينا حين مرت عيونهم به وهمه!العون الأنباء الخارجية فى الصحف الكبرى؟؟ أما النبأ المثير حقا فهو أن المندوب السوفيتى طلب أن يعقد مجلس الأمن يوم الجمعة المقدسة لينظر فيما لديه من أعمال عاجلة، غير أن المندوب البرازيلى رفض هذا الطلب، واعترض عليه قائلا: "لن تسمح لى عقيدتى الدينية التى أعتنقها وتعتنقها بلادى بالاشتراك فى أى اجتماع يعقده المجلس فى يوم الجمعة الحزينة".
وعند ذلك سارع مندوبو الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا إلى القول بأنهم
لا يستطيعون حضور اجتماع يعقد فى ذلك اليوم!!
पृष्ठ 154