ليس الإنسان مكنة ملفوفة بجلد، ولكنه مسرح تتحرك عليه أجمل العواطف وأسماها. إن العاطفة دنيا في فكر، وأشوق الأفكار لاقتبال العواطف هي أفكار الفتيان، هؤلاء هم القوارير التي يجب الرفق بها، وهي مستودع الحرية والاستقلال.
أعيادكم بغضتها نفسي
أشعيا، 1 : 14
ترى لو عاد السيد المسيح وتمشى في شوارع مدننا ليلة الاحتفال بعيد ميلاده، ماذا كان يقول؟
ماذا كان يقول حين يرى الديوك الحبشية والبلدية ترقص رقصة الألم، وتغني في القدور أغاني التهليل للمولود الذي حمل إلى الأرض السلام وإلى الناس المسرة؟
ما عساه أن يقول حين يرى علب الملبس والشوكولا تحمل أكياسا إلى الدور والقصور، وأما الأكواخ فتودع شقاء لتستقبل بلاء؛ من قبضة الفاقة إلى مخالب المرض إلى براثن الموت؟
ما عرف يسوع غير بيوت الضعفاء والفقراء، أليس هو القائل: «للثعالب أوجار، ولطيور السماء أوكار، وأما ابن الإنسان فليس له مكان يسند إليه رأسه»؟
عاش السيد على الفريك في الحقل، فما عساه يقول حين يملأ خياشيمه القتار ويرى سلال الحلوى تتصادم في الشوارع، وهو حين اشتهى قلبه الحلو راح يفتش عنه في تلك التينة التي لعنها فيبست حالا ...؟
ترى لو تنكر السيد وجاء القصور التي تشاد باسمه، فمن يفتح له «الخوخة» ليدخل باحاتها؟ لست أشك أبدا في أنه مهما قرع لا يفتح له، وإذا قال لهم كما قال لتلاميذه في ذلك الزمان: «أنا هو.» صرخوا في وجهه: «لا يا سيد، أما حذرتنا في إنجيلك قائلا: «كثيرون يأتونكم باسمي فلا تصدقوهم»؟ اذهب، اذهب.»
وإذا رد عليهم بقوله: «أنا جوعان فأطعموني، وعطشان فاسقوني.» أجابوه قائلين: «مثلك لا يجوع ولا يعطش، أما صمت أربعين يوما ...؟ لا تحاول خداعنا فما أنت هو.»
अज्ञात पृष्ठ