وضحك ستالين عندما أحضر المحتفلون «فونوغرافا» وأداروا بعض «الأسطوانات»، وأخذوا يرقصون على نغماتها، وطلب بعضهم مراقصة مارينا فلم يعترض ستالين على طلباتهم، وكان الجو مرحا.
ولما أراد فوروشيلوف أن يلقي كلمة تناسب المقام اعترض ستالين وقال له: إن الوقت ليس وقت إلقاء خطب!
واحترم الجميع رغبة ستالين فلم يتحدث أحدهم عن زواجه وتكتموا الخبر، وكذلك لم تشر إليه الصحف إطلاقا، وكانت مارينا نفسها قد استفادت بدروس الماضي، وبما حدث لغيرها، فعاشت في عزلة ولم تظهر قط إلى جانب ستالين. (22) عندما تقابل ستالين
وصف المستر ولتر بيدل سميث، الذي تولى سفارة أمريكا في موسكو فترة من الزمن مقابلته الخاصة لستالين فقال: كان الليل صافيا وباردا، وكانت السماء مليئة بالنجوم عندما غادرت دار السفارة إثر الساعة الثامنة والنصف مساء، وانطلقت سيارة السفارة تحمل العلم الأمريكي مسرعة فوق الجليد إلى «الأربات» الذي يمكنني أن أقول: إنه أكثر شوارع العالم اكتظاظا برجال البوليس؛ وذلك لأنه الطريق الذي يسلكه ستالين وأعضاء المكتب السياسي من مكاتبهم في الكرملين إلى منازلهم في الريف، ويقال: إن المحلات التجارية والمنازل التي تقوم على جانبي هذا الشارع يفتشها البوليس السري بمنتهى العناية والتدقيق، وكل ضيف أو زائر لا بد من التأكد من شخصيته ووضعه تحت المراقبة، ويوجد رجل بوليس على الأقل عند كل مائة ياردة، واثنان إلى أربعة عند كل تقاطع.
وإذا ما اقتربت سيارة رسمية تتمتع بما يسمونه «امتيازات الكرملين» فإن جميع أضواء المرور تنقلب خضراء وتعطي السيارة حق السير في الطريق الذي تريد، وعندما وصلنا إلى بوابة الدخول عند الحائط الغربي للكرملين أوقف السيارة ضابط البوليس السري وأعوانه؛ إذ عليهم أن يتأكدوا من شخصية المارين، وأن يلقوا نظرة سريعة داخل السيارة.
وقادت سيارة السفارة سيارة إرشاد وجدناها واقفة في انتظارنا خارج البوابة الرئيسية، بينما أخذ جرس التنبيه يدق باستمرار حتى وصلنا إلى فناء الكرملين الداخلي، ولم يستوقفنا أحد عند البوابة نفسها للتأكد من شخصياتنا، فمررنا وسط تحية الحراس وضباط البوليس السري المنوط بهم الحراسة.
ومرت السيارة وهي تنطلق من البوابة عبر الشارع الداخلي الواسع الذي زرعت على جانبيه الأشجار بالمبنى الذي يضم مكاتب الماريشال ستالين وأعضاء المكتب السياسي، كما مرت بمتحف الكرملين وصالة المجلس السوفييتي الأعلى، وبكنائس الإغريق الأرثوذكس القديمة البديعة، وببرج الجرس الذي يوجد في أسفله الجرس الكبير المكسور المعروف.
ولما اقتربنا من مدخل الكرملين المضيء شاهدت حاجبا في الزي الرسمي للكرملين ولونه رمادي داكن، وعلى الياقة والأكمام أشرطة مزركشة حمراء، وكان يقف معه ضابط طويل يحمل فوق أكتافه العلامات الذهبية التي تميز رتبته العسكرية، وكانت تبدو عليه مظاهر الجندية الكاملة بمعطفه ذي اللون الزيتوني الداكن، وبنطلونه القصير الأزرق القاتم ذي الخطوط الحمراء، وحذائه الجلدي الطويل الأسود. وكان يضع في حزامه مثل جميع العسكريين في الكرملين مسدسا.
وعندما فتح الحاجب باب السيارة حياني هذا الضابط بابتسامة ودية وذكر بعض كلمات بالروسية، وأشار إلي أن أتبعه.
وحملنا مصعد إلى الدور الثالث، وسرنا في ردهة طويلة ضيقة ذات سقف عال، وكان يقف حارس مسلح من البوليس السري في زيه الرسمي عند كل منعطف فيها، ويقتضي الدخول إلى جناح الماريشال ستالين المرور من باب مزدوج عال مغطى ومبطن بجلد أخضر قاتم، ويفتح على حجرات استقبال متتالية، وفي الثانية منها كان يقف عدة ضباط من البوليس السري قريبا من مكتب كان يجلس عليه رجل كامل الصلع في زيه الرسمي، وعلى كتفيه شارة الجنرال، وعرفت فيما بعد أنه سكرتير ستالين في مجلس الوزراء.
अज्ञात पृष्ठ