وتساءل والتر بيدل سميث سفير أمريكا السابق في موسكو هو أيضا هذا السؤال: هل من الممكن الوصول إلى تفاهم مع ستالين؟
هل هو ديكتاتور مطلق مماثل لهتلر وموسوليني، أم أنه أسوأ منهما؟ منطو بينه وبين نفسه على نية غزو العالم، ومسئول عن سياسة الاتحاد السوفييتي العدائية ضد أمريكا التي كلفتنا كثيرا من الوقت والجهد والمال، وأنزلت بالعالم بعد الحرب الخوف المفزع المثبط من قيام حرب أخرى؟
أم أنه على العكس زعيم أقلية داخل المكتب السياسي السوفييتي تميل إلى الغرب وتود الوصول إلى ترتيب معقول معه ينفذ بإخلاص كامل لضمان سلام العالم إلا أنه لا يستطيع ذلك؛ لأن أغلبية الأصوات تجيء في جانب الزملاء الآخرين في الهيئة الخاصة الحاكمة داخل الكرملين؟
هذه الأسئلة ألقيت علي مئات المرات منذ عدت إلى الولايات المتحدة، وهي تعكس التيارات المتضاربة في الرأي العام الأمريكي ... وقد تدرج هذا الرأي العام من نظرة يائسة لحفنة من المتطرفين ينظرون إلى ستالين على أنه ديكتاتور مطلق معاد، ويعتقدون أن حربا رادعة هي الحل الوحيد ... إلى تمنيات عند الآخرين يصورونه كزعيم يعمل لصالح الغير، فإذا ما منح بعض التشجيع استطاع إقناع زملائه بأن يتخلوا عن سياستهم الفكرية الأساسية لسيادة الشيوعية في العالم، ويجعل من الممكن قيام سلام وطيد دائم على أساس من التعاون الدولي.
لقد كان مكتبي في السفارة الأمريكية بموسكو طيلة ثلاث سنوات يطل على «يوخافا بلاتزا» المجاورة لجدران الكرملين مقر السلطة السوفييتية، ومع ذلك فإنني لم أخترق هذه الجدران لعمل رسمي إلا أقل من عشرين مرة في هذه السنوات الثلاث ، وتحدثت مع ستالين حديثا طويلا أربع مرات فقط، ومع ذلك فإن أربعة أحاديث طويلة مع ستالين واجتماعا أو اثنين معه كانت أكثر مما حصل عليه أي دبلوماسي آخر في الفترة التي قضيتها في روسيا.
وهذه الفرص التي أتيحت لي لمقابلة زعيم الشعوب السوفييتية وجها لوجه مع دراسة دقيقة لما قاله وفعله خلال السنوات الأخيرة تجعل من الممكن التفريق بين ستالين «الحقيقة» وستالين «الأسطورة»، ولقد كونت عدة أحكام عن ستالين في العام التاسع والستين من حياته، والخامس والعشرين من حكمه.
فهو مثلا ليس ديكتاتورا مطلقا، وهو كذلك ليس أسير المكتب السياسي، ويمكنني أن أقول: إن مركزه أكثر من مجرد رئيس للوزارة، وإن رأيه هو القاطع، وقد توجد بلا شك انقسامات في السياسة، وأحزاب في داخل المكتب السياسي، ولكن ليس بين الأعضاء واحد ضد ستالين، فكل خصومه قد صفى حسابهم، فنفوا أو «أعيد تعليمهم»!
والسياسة الخارجية العدوانية والتوسعية للاتحاد السوفييتي في فترة ما بعد الحرب هي سياسة ستالين، ولم يكن ممكنا في ظل النظام السوفييتي الحاضر أن توضع موضع التنفيذ وتستمر دون موافقة ستالين واعتماده، ولذلك يجب أن ينظر إليها باعتبار أنه بطلها لا مجرد مؤيد متردد لها.
وعندما يقول ستالين للسياسيين الأجانب أو الصحافة الأجنبية بأن من الممكن أن تعيش الرأسمالية والشيوعية جنبا إلى جنب في سلام فإنه يناقض نفسه، أو أنه لا يعني ما يقول؛ فإنه في خطبه وكتاباته لزعماء الحزب الشيوعي يكرر تأكيد نظرية لينين الأساسية القائلة بأنه لا مناص من أن تقوم في المستقبل معركة بين الاتحاد السوفييتي والرأسمالية التي تحاصره. (19) ستالين ... كما رأوه
كان المستر أريك جونسون، رئيس الغرفة التجارية بالولايات المتحدة أحد القلائل الذين تمكنوا من مقابلة ستالين في عام 1944، ودامت مقابلته لسيد روسيا حينئذ نحو ثلاث ساعات، وقد كتب وصفا شائقا لهذه المقابلة التي تعتبر من أطول المقابلات التي سمح بها ستالين، أو أي زعيم آخر لضيف من ضيوفه.
अज्ञात पृष्ठ