وكان المؤتمر السادس في سنة 1928 آخر مؤتمر أبيح فيه أي تباين في الرأي؛ ففي سنة 1929 عين ستالين كلا من مولوتوف ومانويلسكي وكوزين للإشراف على جهاز الكومنترن، وأصبحت سياسته من ذلك الحين تمليها المصالح الروسية التي كان السعي إلى تنميتها هو عماد الثورة العالمية المقبلة، ولم يكن للمناقشات العامة أي دور في تحديد سياسة المؤتمر السابع والأخير في سنة 1935، وهو المؤتمر الذي دعي لإذاعة انقلاب في السياسة قررته موسكو فعلا وبدأت تنفيذه في بعض الحالات.
وكان تشجيع الحركات الثورية في الدول الأجنبية أو وقفها يتم وفقا لمدى تمشيها مع السياسة السوفييتية ودونما كبير اعتبار لمصير أولئك الذين كانوا مسئولين عنها ... بينما دعي جيل كامل تقريبا من «الثوريين القدامى» إلى موسكو؛ حيث أجريت بينهم حركة تطهير عندما قرر ستالين في سنة 1935 - حين واجهته مسألة استفحال نفوذ ألمانيا - أن يدعو إلى إيقاف الثورة في سبيل سياسة «الجبهة الشعبية».
وظلت سياسة المؤتمر العشرين متبعة حتى توقيع ميثاق «ستالين»-«هتلر» في أغسطس سنة 1939 حين تخلى الكومنترن عن صراعه ضد الفاشية، ومن ثم أطلق على الحرب عندما أعلنت وصف «حرب استعمارية»، ثم غير الهجوم الهتلري من موقف الاتحاد السوفييتي؛ إذ دفع روسيا إلى التحالف مع الديموقراطيات الغربية.
وعلى ذلك أصبح الكومنترن - الذي لم يكن ستالين يثق به ثقة عظيمة - عقبة مطردة الاستفحال، فتم حله في يونيه سنة 1943 بمرسوم نص على أن الكومنترن قد استوفى غرضه أو أوجد حركة عالمية بروليتارية - أي: قوامها العامة أو الدهماء - بلغت في ذلك العام سن رشدها. ولم يشر المرسوم إلى السياسة الثورية التي عمل الكومنترن على تنميتها، والتي ظلت دون تبديل، في حين أن إلغاء المنظمة المركزية التي حددت ما اعتبر - ولو من الناحية النظرية على الأقل - سياسة عامة جعلت الاتحاد السوفييتي أكثر حرية من ذي قبل في رسم الخطة التي كان على أي حزب شيوعي معين أن يسلكها. (14) القضاء على المعارضة ... وإبادة المعارضين!
مات لينين في 21 يناير من عام 1924، وبدأ ستالين يتطلع إلى الاستئثار بالسلطة دون شريك، ومرت روسيا في هذا الوقت بفترة هادئة هي الفترة التي كان ستالين يمهد الطريق فيها لنفسه، ويتخلص فيها من معارضيه واحد بعد الآخر حتى يتم له ما يريد.
ووجد ستالين في البوليس السري الروسي خير مساعد للتخلص من المعارضين، والتجسس على غيرهم ممن يشتم فيهم عدم الإخلاص لزعامة ستالين أو رئاسته التي يمهد لها.
وبدأت بعد ذلك حملته على تروتسكي فاتهمه بأنه يعمل على إثارة الحرب الأهلية في روسيا وذلك «بمشروعاته الجنونية» لفرض التصنيع الإجباري، وبدقه الطبول تحريضا على قيام الثورة العالمية مما سيكون من شأنه تعريض موقف روسيا للخطر. وادعى ستالين عندئذ أن تروتسكي شديد التعلق بوسائل الذعر والإرهاب وأساليبها، وسر كثيرون عندما سمعوا ذلك؛ لأنهم فهموا منه أن ستالين لا يقر الوسيلة التي أقمع بها تروتسكي ثورة البحارة والعمال في كرونستات.
وقد رأينا كيف انتهى الأمر بإبعاد تروتسكي إلى القسطنطينية في عام 1927، وسبق ذلك طرده من الحزب الشيوعي في نفس العام، وفي عام 1931 سمح لتروتسكي بالسفر إلى إسبانيا، ومن هناك سافر إلى دول الشمال «إسكندينافيا»، وأخيرا استقر في مكسيكو حيث قتل بتحريض ستالين في يوم 20 أغسطس من عام 1940 بيد فرانك جاكسون على مقربة من مكسيكو سيتي.
وعند وفاة لينين في عام 1924 كان الطامعون في مركزه أربعة أشخاص، هم: ستالين، وتروتسكي، وزينوفييف، وكيمينيف، فقد كان كل منهم بطلا في الثورة ومساعدا للينين، وقطبا في الحكومة.
بيد أن ستالين كان أوفر حظا من زملائه بعد أن طوى الموت زعيمهم رغم أنه في العام السابق كان لينين قد كتب يقول: «إن ستالين ركز قوة هائلة بين يديه.» وأضاف إلى ذلك قوله: «وستالين رجل فظ، وهذا العيب ليس مقبولا فيمن يتولى منصب السكرتير العام، وإن كان من الصفات اللازمة في العلاقات بين الشيوعيين. ومن ثم أقترح على الرفاق أن يهتدوا إلى وسيلة لإقصاء ستالين عن هذا المنصب.»
अज्ञात पृष्ठ