وهكذا كان هذا الخطاب وحده هو الدليل الذي جعل ستالين يستنتج وجود أطباء متآمرين في الاتحاد السوفييتي، ومن ثم أصدر أوامره بالقبض على جماعة من أطباء الاتحاد السوفييتي الأخصائيين البارزين، وأصدر بنفسه التوجيهات اللازمة لتحقيق الموضوع وطريقة استجواب الأشخاص المقبوض عليهم.
وكذلك قال ستالين نفسه: إن الأكاديمي فينوجرادوف يجب أن يكبل بالأغلال، وإن شخصا آخر يجب أن يضرب. ومن بين الحاضرين في هذا المؤتمر وزير أمن الدولة السابق الرفيق إيجناتييف الذي قال ستالين له بقسوة: إذا لم تحصل على اعترافات من الأطباء فستفصل رأسك عن عنقك!
كذلك استدعى ستالين شخصيا القاضي المحقق وأصدر إليه تعليماته، وشرح له الوسائل التي يجب أن تتبع في التحقيق.
وكانت هذه الوسائل بسيطة: اضرب واضرب ثم اضرب مرة أخرى ...
وبعد القبض على الأطباء بفترة قصيرة تلقينا نحن أعضاء المكتب السياسي عدة محاضر تشتمل على «اعترافات» الأطباء بجرائمهم، وبعد توزيع هذه المحاضر علينا قال لنا ستالين: إنكم عميان كالقطط الصغيرة! ماذا كان عساه يحدث لولاي؟ سوف تضيع البلاد لأنكم لا تعرفون كيف تميزون الأعداء؟!
ولقد عرضت القضية بشكل يعجز معه أي شخص عن معرفة الحقائق التي يبنى عليها التحقيق، كما كان من المستحيل الاتصال بأولئك الذين «اعترفوا» بجرائمهم لمعرفة الحقائق منهم. ولكننا كنا نشعر بأن تلك القضية تكتنفها الشكوك؛ ذلك أننا كنا نعرف بعض هؤلاء الرجال شخصيا، فهم قد تولوا علاجنا في بعض الأحيان.
وعندما درسنا هذه «القضية» بعد موت ستالين تبين لنا أنها كانت ملفقة من الألف إلى الياء.
إن هذه «القضية» الشائنة كانت من تلفيق ستالين. ومن حسن حظ الأطباء أن ستالين لم يتسع له الوقت الذي يمكنه من إنهاء «القضية» على النحو الذي كان يرتئيه، ولهذا السبب ما زال هؤلاء الأطباء على قيد الحياة.
وقد رد إليهم جميعا اعتبارهم وهم يعملون في نفس الأماكن التي كانوا يعملون فيها من قبل، ويعالجون كبار الأفراد بما فيهم رجال الحكومة، كما أنهم يتمتعون بثقتنا الكاملة، ويؤدون واجبهم بأمانة مثلما كانوا يفعلون من قبل. (27) وفاة ستالين
لم يحدث في التاريخ أن جمع حاكم في يده مثل هذه السلطة المطلقة التي كانت لستالين، سواء كان «خان» أم «قيصر».
अज्ञात पृष्ठ