فالمتحرك إذن على ثلاثة أضرب: مفتوح، ومكسور، ومضموم.
فالمفتوح: هو الذي إذا أشبعت حركته حدثت عنها ألف، نحو ضاد ضرب، لك أن تشبع الفتحة، فتقول: ضيارب.
والمكسور: هو الذي إذا أشبعت حركته حدثت عنها ياء نحو ضاد ضراب، لك أن تشبع الكسرة فتقول ضيراب.
والمضموم: هو الذي إذا أشبعت حركته حدثت عنها واو، نحو ضاد ضرب، لك أن تشبع الضمة، فتقول: ضورب، إلا أن هذه الأحرف اللائي يحدثن لإشباع الحركات، لا يكن إلا سواكن، لأنهن مدات والمدات لا يتحركن أبدا.
واعلم أن الحركة التي يتحملها الحرف لا تخلو أن تكون في المرتبة، قبله، ومعه، أو بعده.
فمحال أن تكون الحركة في المرتبة قبل الحرف، وذلك أن الحرف كالمحل للحركة، وهي كالعرض فيه، فهي لذلك محتاجة إليه، ولا يجوز وجودها قبل وجوده، وأيضا لو كانت الحركة قبل الحرف لما جاز الإدغام في الكلام أصلا، ألا ترى أنك تقول قطع، فتدغم الطاء الأولى في الثانية، ولو كانت حركة الطاء الثانية في الرتبة قبلها، لكانت حاجزة بين الطاء الأولي، وبين الطاء الثانية، [ولو كان الأمر كذلك لما جاز إدغام الأولى في الثانية] ١ لأن الحركة، على هذه المقدمة، مرتبتها أن تكون قبل الطاء الثانية، بينها وبين الأولى، وإذا حجز بين الحرفين حركة بطل الإدغام، فجواز الإدغام في الكلام، دلالة على أن الحركة ليست قبل الحرف فالمتحرك بها.
فقد بطل بما ذكرناه أن تكون حركة الحرف في الرتبة قبله، وبقي أن تكون معه أو بعده، وفي الفرق بينهما بعض الإشكال.
فالذي يدل على أن حركة الحرف في المرتبة بعده، أنك تجدها فاصلة بين المثلين أو المتقاربين، إذا كان الأول منهما متحركا.
_________
١ ما بين المعقوفين ساقط، وهو ضروري.
1 / 43