يريد "بين تعنقة"، إلا أن هذه الألف وإنك كانت إشباعا للفتحة، فإنها في هذا الموضع زيادة لازمة.
وأنشدنا أبو علي لابن هرمة١ يرثي ابنه:
وأنت من الغوائل حيت ترمى ... ومن ذم الرجال بمتزاح٢
أراد: بمنتزح، فأشبع فتحة الزاي.
وأنشدني أيضا:
الله يعلم أنا في تلفتنا ... يوم الفراق إلى أحبابنا صور٣
وأنني حوثما يشري الهوى بصري ... من حيثما سلكوا أثني فأنظور٤
يريد: أنظر، فأشبع ضمة الظاء، فنشأت عنها واو.
_________
١ ابن هرمة: هو إبراهيم بن علي بن محمد بن سالم بن عامر بن هرمة، شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وهو آخر من يستشهد اللغويون بكلامه.
٢ قائل البيت: هو إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمة بن عامر بن هرمة، والبيت في رثائه لابنه على ما ذكر في اللسان موافقا لابن جني هنا، وقد أورده الصاغاني في العباب، وذكر أنه في مدح بعض القرشيين، وكان قاضيا لجعفر بن سليمان بن علي وروايته هكذا:
وأنت من الغوائل حيث تنمي ... ومن ذم الرجال بمنتزاح
الغوائل: جمع غائلة، وهي الفساد والشر. وتنمي: تكثر
ومنتزاح: أي بعد، يقال: أنت بمنتزح من كذا، أي ببعد منه. أشبعت فتحة الزاي في منتزح فتولدت الألف.
وأسلوب البيت خبري تقريري والغرض منه تأكيد الفكرة.
٣ صور: جمع أصور وهو المائل العنق من الشوق من صور يصور صورًا إذا مال نحوه بعنقه، يريد أنهم كانوا يوم الفراق دائمي التلفت نحو أحبابهم. اللسان "٤/ ٢٥٢٣".
وأسلوب البيت خبري تقريري الغرض منه الاسترحام والعتاب علي هذا الحبيب المفارق الذي لا يبالي بفراق الأحبة.
٤ يشري: كذا في لسان العرب مادة "شري" "٤/ ٢٢٥٤". يقال: أشراه ناحية كذا: أماله مأخوذ من الشري وهي الناحية وقيل: معناه يعلق الهوى بصري ويحركه تجاه الأحبة.
حوثما: حيث: ظرف مكان، لغة في حيث، وما: زائدة.
والشاهد في قوله: "فانظور" حيث أشبع ضمة الظاء فنشأ عنها واو.
1 / 41