وأنشد سيبويه:
فبينا نحن نرقبه أتانا ... معلق وفضة وزناد راعي١
أراد بين نحن نرقبه أتانا، فأشبع الفتحة، فحدثت بعدها ألف.
فإن قيل: فإلام أضاف الظرف الذي هو بين، وقد علمنا أن هذا الظرف لا يضاف من الأسماء إلا إلى ما يدل على أكثر من الواحد، أو ما عطف عليه غيره بالواو دون سائر حروف العطف، نحو المال بين القوم، والمال بين زيد وعمرو، وقوله "نحن نرقبه": جملة، والجملة لا مذهب لها بعد هذا الظرف؟
فالجواب: أن هاهنا واسطة محذوفا، وتقدير الكلام: "بين أوقات نحن نرقبه أتانا"، أي أتانا بين أوقات رقبتنا إياه، والجمل مما يضاف إليها أسماء الزمان، نحو أتيتك زمن الحجاج أمير، وأوان الخليفة عبد الملك، ثم إنه حذف المضاف، الذي هو أوقات، وأولى الظرف الذي كان مضافا إلى المحذوف الجملة التي أقيمت مقام المضاف إليها، كقوله تعالي: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢] ٢، أي أهلها، هكذا علقت عن أبي علي٣ في تفسير هذه اللفظة وقت القراءة عليه، وقل من يضبط ذلك، إلا من كان متقنا أصيلا في هذه الصناعة.
_________
١ الوفضة: خريطة يحمل فيها الراعي أداته وزاده، جمعها وفاض. لسان "٦/ ٤٨٨٣".
والزناد: مفرد كالزند: خشبتان: يستقدح بهما، فالسفلى زندة، والأعلى زند. ابن سيده لسان العرب "٣/ ١٨٧١". مادة "زند" وقد أثبتنا البيت على ما جاء في لسان العرب.
وزناد: منصوب حملا على موضع الوفضة، لأن المعنى يعلق وفضة وزناد راعي.
والشاهد فيه: إشباع فتحة الفتح "أتانا" فتحدث بعدها ألف.
إعراب الشاهد:
أتى: فعل ماضي مبني، و"نا" ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، والجملة لا محل لها من الإعراب.
٢ واسأل القرية: أسلوب أمر الغرض منه الالتماس، ويعني بالقرية أهل المصر.
انظر/ تفسير ابن كثير "٢/ ٤٨٧"، والآية بها مجاز مرسل علاقته المكانية حيث ذكر المكان وقصد به أهله.
٣ أبو علي: هو أبو علي الفارسي، الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الإمام النحوي الكبير، والمؤلف ينقل عنه كثيرا، لأنه أستاذه الذي تخرج به، توفي سنة ٣٧٧هـ.
1 / 39