131

(لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ).(الفتح / 27) لقدكانت معاهدة الحديبية من الاحداث السياسية الكبرى البارزة في بناء الدولة الاسلامية . وكانت عملا سياسيا مهد لنتائج عقائدية وعسكرية وسياسية كبرى ، وكان طبيعيا أن يصير الموقف إلى ما وصل إليه بعد أن عززت الاحداث والمعارك التي وقعت بين رسول الله (ص) وأعداء الدعوة الاسلامية من اليهود والمشركين موقف المسلمين وغرست هيبتهم في النفوس، فقرر الرسول (ص) أن يسير بأصحابه إلى مكة المكرمة ليزور البيت الحرام بعد أن رأى في المنام أنه يدخله هو وأصحابه آمنين من غير قتال ، كما تشير الآية الآنفة الذكر إلى ذلك . فكانت هذه الزيارة أداء لعمل عبادي وتظاهرة سياسية وإعلامية كبرى هزت الجزيرة وأثارت الرعب والقلق في موقف قريش .

توجه الرسول (ص) ومعه ما يقرب من ألف وأربعمائة من المهاجرين والآنصار وبعض قبائل الجزيرة على ما ذكر في بعض التقديرات والروايات ، توجه الركب الزاحف نحو مكة في ذي القعدة في السنة السادسة من الهجرة وهم يحملون السلاح ، وقد ساقوا معهم سبعين

(28)

بدنة هديا لتنحر في مكة المكرمة ، تناهى الخبر إلى قريش ففزعت وظنت أن محمدا (ص) يريد الهجوم عليها ، فراحت تتدارس الموقف وتعد نفسها لصد المسيرة المتوجهة إلى البيت

الحرام ، فبلغ محمدا (ص) إعداد قريش وتهيؤها لقتاله فغير مسيره وسلك طريقا غير الطريق الذي سلكته قوات قريش المتوجهة لصده وقتاله حتى استقر في وادي الحديبية ، فشكا أصحابه جفاف الوادي وانعدام الماء ، ليجري الله سبحانه معجزة خالدة على يده المباركة ، تجلت المعجزة عندما توضأ وألقى ماء المضمضة في البئر التي كانت قد نضب ماؤها وجف ثراها ، فانفجر الماء وارتوى الجمع .

पृष्ठ 39