قال السيد شرف الدين أيده الله تعالى: وبلغني أن بعض نساء المدينة المخدرات أخرجن بين العسكر مكشفات الرؤوس مجردات الأبدان حتى لقد كان الأمير أسد الدين يأمر بجمع الحرايم ويدخلن بيوتا يستترن بالجدرات، ولقد كان أحسن حالا من الأمراء الحمزيين ولم يسمع بكشيفة كانت أعظم منها خصوصا في الحرايم، فرويت روايات كثيرة رأينا أن نعرض عنها ونطرحها لما في سماعها من الإقذاع واختلاف الروايات فالله المستعان، وهرب قوم وحرايم إلى درب الحدادين وعلى الجملة فما بقي مانع ولا دافع فقتل من الناس خلق كثير منهم من ضربت رقبته صبرا، ومنهم من قتل في القتال، ومنهم من أثخنته الجراحة حتى مات، وعلى الجملة فإن الروايات في هذه الوقعة العظيمة كثير ولم أرو إلا ما تطابقت فيه الرواية. والله أعلم بالصحيح.
ولما رأى أسد الدين ما جرى في المدينة عظم عليه الأمر فأمر مماليكه بمنع الناس من القتل فامتنع الناس وكسا كثيرا من الحرايم وعاث العسكر في دور المدينة فانتهبوا منها أموالا جليلة وذخائر عظيمة وآلات وفرشا وإماء وعبيد ومن الخيل والدواب وغير ذلك ما لم يحصره أحد، وأسر من الناس خلق كثير فمنهم من أرسل لضعف حاله، ومنهم من اشترى نفسه، وعظمت هذه المصيبة على المسلمين، وارتفعت بها رؤوس المفسدين.
قال الراوي: ثم أقام القوم في صعدة فجاهروا بشرب الخمور وضرب المعازف وارتكاب الفواحش، وأمروا أعداء الله من اليهود بصنعة الخمور، فروي أنهم أخرجوا لهم من الخمور التي قد مضت عليها السنون. والله أعلم.
وظهر من بعض العلماء هنالك ما لا يصلح ذكره من إلقاء المودة للقوم، فأقام القوم في صعدة [.....بياض في المخطوط.......].
ومماقيل في هذه الوقعة من الشعر ما قاله الفقيه العالم اللسان زيد بن جعفر الباقري الصعدي:
فعت لعيني نارهم في باد
والليل قد أكل الركاب وكلنا
فرجعت قلت إذا لأهلي امكثوا
أو جذوة آتي بها فلعلكم
فقصدتها أغشوا فلما جيتها ردماء مدين لا تذاد ولا ترى
पृष्ठ 319