सिद्दीका बिंत सिद्दीक

अब्बास महमूद अल-अक्काद d. 1383 AH
49

सिद्दीका बिंत सिद्दीक

الصديقة بنت الصديق

शैलियों

وكأي من رئيس في قومه وتر كما وتر ابن سلول، واشتمل قلبه على البغض كما اشتمل قلب ابن سلول على بغض النبي، وأحب أن يهدم دعوة من الدعوات كما أحب ابن سلول أن يهدم دعوة الإسلام، ولكنه مع كل هذا يتورع عن رجم المحصنات بالباطل، ويمسك لسانه عن الخوض في وشايات الدنس؛ لأنها مسبة لا تجمل بمروءة الكرام.

إلا أن ابن سلول لم يكن من هؤلاء الرؤساء المتورعين المترفعين، ولم يكن له من أخلاقه ما يعصمه أن يكذب وأن ينافق وأن يداهن، وأن يصطنع الوشاية ويلغ في الأعراض؛ لأنه كان مطبوعا على النفاق، مشهورا به بين أصحابه وخصومه على السواء.

كان زعيم الخزرج بالمدينة، فكان ينافس زعماء الأوس بها في إرضاء النبي والتزلف إليه، ثم يخلو بأعداء الإسلام فيؤلبهم على المسلمين، ويسول لهم قتل النبي ويوغر صدورهم على هذا الدين الجديد، وكل منتصر له وكل منتسب إليه.

وقبيل حديث الإفك بأيام قليلة كانت فئة من الأنصار والمهاجرين تستقي ، فتنازع رجلان منهما على الماء كما يحدث على كل بئر وفي كل مورد يكثر حوله القصاد، فلم يدعها ابن سلول تنقضي دون أن يثير فيها الثائرة، التي ود أن تعصف بالمسلمين أجمعين، وقال مستهولا: أوقد فعلوها؟ والله ما أرانا وجلابيب قريش هذه إلا كما قيل: سمن كلبك يأكلك. أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. وأقبل على من حضره من قومه يحرضهم، ويقول لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم ... أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، وأما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم!

ونمى الحديث إلى النبي عليه السلام، فأسرع إليه ابن سلول يقسم ويبالغ في القسم أنه ما نبس بحرف منه.

فالخوض في الوشايات والولوغ في الأعراض هو أشبه شيء بأخلاق هذا الرجل الذي مرد على النفاق، وأصبح وأمسى حياته كلها بين الدس والاختلاق، وله من الوتر العظيم الذي وتر به شفيع عند طبعه السقيم؛ لأنه أضاع الملك والتاج بظهور الإسلام.

قال أسيد بن حضير زعيم الأوس يسأل النبي عليه السلام ألا يدع المدينة لعبد الله بن سلول: «يا رسول الله أرفق، فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه؛ فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا.»

فلا جرم يكون له غرض، أي غرض، في ترويج حديث الإفك، واتخاذه مطعنا في الإسلام من وراء الطعن في كرامة نبي الإسلام؛ ولهذا لم يلبث أن أفلتت منه نيته، فظهرت من بوادر لسانه في الكلمة التي قالها حين مرت به السيدة عائشة على جمل يقوده صفوان بن المعطل، فقد حكي عنه أنه سأل: من هذه؟ فقيل: عائشة. قال: امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها.

وإن غرض ابن سلول هذا لهو بعينه غرض كل متشبث بحديث الإفك إلى يومنا هذا، ليتخذ منه سبيلا إلى الطعن في الإسلام ونبي الإسلام، وبخاصة بين المبشرين من المستشرقين.

فمن هؤلاء من غلب عليه أدب التربية، فاستبعد حديث الإفك كما فعل موير

अज्ञात पृष्ठ