فلما امتنعت بكر بن وائل وتغلب من اتباع بني أسد خرج من فوره ذلك إلى اليمن فاستنصر ازدشنوءة فأبوا أن ينصروه. وقالوا: إخواننا وجيراننا: فنزل بقيل يدعى مرثد الخير بن ذي جدن الحميري وكانت بينهما قرابة فاستنصره واستمده على بني أسد فأمده بخمسمائة رجل من حمير. ومات مرثد قبل رحيل امرئ القيس بهم وقام بالمملكة بعده رجل من حمير يقال له قرمل بن الحميم وكانت أمه سوداء فردد امرأ القيس وطول عليه حتى هم بالانصراف وقال (من الطويل) :
وإذ نحن ندعو مرثد الخير ربنا ... وإذ نحن لا ندعى عبيدا لقرمل
لإأنفذ له ذلك الجيش. وتبعه شذاذ من العرب واستأجر من القبائل رجالا فسار بهم إلى بني أسد ومر بتبالة وبها للعرب صنم تعظمه يقال له ذو الخلصة. فاستقسم عنده بقداحه وهي ثلاثة: الآمر والناهي والمتربص. فاجالها فخرج الناهي ثم أجالها فخرج الناهي. ثم أجالها فخرج الناهي. فجمعها وكسرها وضرب بها وجه الصنم وقال: ويحك لو أبوك قتل ما عقتني. ثم خرج فظفر ببني أسد. وقال في نيله منهم ما أراد من ثأره (من السريع) :
يا دار ماوية بالحائل ... فالسهب فالخبتين من عاقل
صم صداها وعفى رسمها ... واستعجمت عن منطق السائل
قولا لدودان عبيد الععصا ... ما غركم بالأسد الباسل
قد قرت العينان من مالك ... ومن بني عمرو ومن كاهل
ومن بني غنم بن دودان إذ ... نقذف أعلاهم على السافل
نطعنهم سلكي ومخلوجة ... لفتك لأمين على النابل
पृष्ठ 18