كَتِفَيَّ فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا مِثْلُ وَكْرَيِ الطَّائِرِ، فَقَعَدَ فِي وَاحِدَةٍ وَقَعَدْتُ فِي الْأُخْرَى، فنمت حتى سدّت الخافقين، ولو شئت لمسست السَّمَاءَ وَأَنَا أُقَلِّبُ طَرْفِي، وَنَظَرْتُ جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ حلس «١» لاطىء «٢» فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ عَلَيَّ وَفَتَحَ لِي بَابَ السَّمَاءِ، وَرَأَيْتُ النُّورَ الْأَعْظَمَ وَلَطَّ «٣» دُونِي الْحِجَابُ وَفَرَجَهُ الدُّرُّ وَالْيَاقُوتُ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا شَاءَ أَنْ يُوحِيَ.
وَذَكَرَ الْبَزَّارُ «٤» عَنْ عَلِيِّ بْنِ «٥» أَبِي طَالِبٍ ﵁:
لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَ رسوله ﷺ الْأَذَانَ جَاءَهُ جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا الْبُرَاقُ فَذَهَبَ يَرْكَبُهَا فَاسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهَا جِبْرِيلُ: اسكني، فو الله مَا رَكِبَكِ عَبْدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ ﷺ. فَرَكِبَهَا حَتَّى أتى بها إلى الحجاب الذي يلي الرّحمن تعالى، فبينا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَ مَلَكٌ مِنَ الْحِجَابِ.
(١) حلس: كساء رقيق يلي ظهر البعير.
(٢) لاطىء: لاصق.
(٣) لط: أرخى.
(٤) هو احمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري صاحب المسند الكبير المعلل ثقة حافظ توفي سنة ٢٩٢ هـ.
(٥) تقدمت ترجمته في ص «٥٤» رقم «٤» .